مانساسو.. مشروع لطي صفحة الاستفتاء وتنزيل الحكم الذاتي

مانساسو.. مشروع لطي صفحة الاستفتاء وتنزيل الحكم الذاتي
الدكتور عبد القادر بريهما 23 أغسطس 2025

المعطيات الجديدة القادمة من واشنطن تشير إلى أن مرحلة المينورسو بصيغتها التقليدية تقترب من نهايتها. منذ 1991، كانت هذه البعثة الأممية أداة لمراقبة وقف إطلاق النار والإشراف على مسار ما سمى بالاستفتاء الذي لم ير النور بسبب عراقيل متواصلة. 
اليوم، يبدو أن المغرب، مدعومًا من شركائه الرئيسيين في مجلس الأمن مثل واشنطن وباريس ولندن ومدريد، يقترب من تحقيق ما يمكن اعتباره تحولًا استراتيجيًا حاسمًا عبر مشروع جديد يحمل اختصارا اسم"MANSASO" ،"مانساسو" وتعني بعثة أممية للمساعدة في التفاوض حول وضع الحكم الذاتي في الصحراء الغربية
 (  d’assistance pour la négociation d’un statut d’autonomie au Sahara occidental (Mission
يهدف هذا المشروع الجديد إلى تجاوز خيار الاستفتاء لترسيخ الحكم الذاتي كحل واقعي ونهائي.
هذا التطور يعكس قناعة المجتمع الدولي بأن الاستفتاء أصبح خيارًا مستحيل التطبيق، ليس فقط بسبب تعقيداته التقنية بل أيضًا بفعل المناورات المتكررة للجزائر والبوليساريو. فقد تم حشر أعداد هائلة من السوقا والدهماء والعامة من الناس من الغرباء الأجانب عن الصحراء غير المعنيين تاريخيًا بلوائح تحديد الهوية، من جنسيات مختلفة موريتانية وجزائرية وأزوادية، في محاولة منهم لليّ عنق القرارات الأممية وخلق واقع مصطنع. هذه الممارسات جعلت المسار يفقد مصداقيته ودفع الدول المؤثرة إلى البحث عن بدائل أكثر جدوى. ويبدو أن الزيارة الأخيرة التي قام بها وفد هام من المسؤولين الأمريكيين إلى مدينة العيون والاجتماعات الماراثونية التي عقدوها مع ممثلي هيئة الأمم المتحدة بالصحراء المغربية، شكلت مؤشرًا قويًا على دعم واشنطن لهذا التوجه الجديد وإصرارها على تحريك الملف نحو حل نهائي.
الرهان الجديد يقوم على نقل دور البعثة الأممية من الإشراف على استفتاء متعثر إلى هيئة تواكب تنزيل مبادرة الحكم الذاتي التي طرحتها بلادنا منذ 2007. هذه المبادرة حظيت بدعم متنامٍ داخل الأمم المتحدة واعتُبرت من طرف العديد من العواصم حلاً جادًا وواقعيًا، خصوصًا أمام تصلب مواقف الجزائر التي تواصل الاستثمار في نزاع مفتعل رغم تكلفته السياسية والاقتصادية العالية. وهنا يبرز الدور الأمريكي واللقاءات الأخيرة بالعيون كرسالة واضحة بأن الفاعلين الدوليين لم يعودوا مستعدين لإضاعة الوقت مع الأطراف المعرقلة.
التصويت المرتقب في مجلس الأمن خلال أكتوبر قد يكون لحظة مفصلية، حيث سيحسم أكبر منعطف منذ إنشاء المينورسو. والمغرب يدخل هذه المرحلة بثقة مبنية على الحنكة الدبلوماسية والرصيد السياسي الذي راكمه، فيما تجد الجزائر والبوليساريو نفسيهما أمام واقع دولي لا يتسامح مع الجمود والتعطيل. إذا تحقق هذا التحول، فإن طي صفحة الاستفتاء سيغلق بابًا طالما استُعمل لإطالة أمد النزاع ويفتح آخر للحل الدائم تحت السيادة المغربية.



تعليقات الزوّار

الآراء الواردة في التعليقات تعبر عن آراء أصحابها وليس عن رأي سكوبريس

اترك تعليقا

إقرأ أيضا