موسم طانطان بين الموروث والمستحدث

ظهر مفهوم الموروث الشفهي غير المادي للإنسانية في بعده العالمي في بداية تسعينيات القرن الماضي، بناء على التوصيات التي قدمت عام 1989 حول حماية الثقافات التقليدية في وقت يتجه التراث العالمي أساسا الى الجوانب المادية للثقافة.
في عام 1997 بادر عدد من المثقفين المغاربة ومنظمة الأمم المتحدة للثقافة والعلوم المعروفة اختصارا ب "يونيسكو" " UNISCO" بعقد اجتماع في مدينة مراكش، تم خلاله تحديد مفهوم " التراث الشفوي للإنسانية"، وتقرر التفريق بين أعمال هذا التراث بهدف حفظها وإبراز قيمتها، وذلك في إطار اعلان روائع التراث الشفوي والتراث اللامادي للإنسانية. وفي عام 2001 أعلن لأول قائمة مأثورات تقدمت بها عدد من الدول، وتوضع قائمة جديدة كل سنتين، ويجب ان تكون المأثورات المقترحة تعبيرا ثقافيا حيا او مهددا بالانقراض، كما يجب أن تكون قد وضعت لها برامج لصيانتها وتطويرها.
في عام 2003 تبنت الدول الأعضاء في اليونيسكو اتفاقية لصون التراث الثقافي اللامادي التي دخلت حيز التنفيذ في شهر ابريل 2006، وقد أعطيت التوجيهات العملية لهذه المعاهدة من قبل اللجنة الدولية الحكومية، وحددت قائمة تمثيلية، وأخرى تستوجب الصون الاستعجالي لتظهر عليها المأثورات التي حددت سابقا، وتسجل عليها سنويا مأثورات جديدة.
وفي هذا الإطار وصونا للذاكرة بادرت منظمة اليونسكو سنة 2005 الى إدراج موسم طانطان "موكار" كجزء من الموروث الثقافي والشفهي غير المادي للإنسانية في بعده العالمي، أسوة بغيره من التراث المغربي الغني والاصيل الذي ادخلته ضمن أجندتها، واحتضنته من قبيل الفضاء الثقافي لجامع الفنا بمراكش، والصقارة تراث الكائن الحي بالجديدة، ومهرجان حب الملوك بصفرو والمطبخ المتوسطي بالشاون.
فبعد توقف دام ازيد من ثلاثة عقود، اعيد احياء موسم طانطان في حلة قشيبة تجمع بين اصالته ومواكبته للعصر، لتقديم الموروث الشفهي اللامادي للصحراء المغربية في أبهى صورة تليق بقيمته التاريخية ومكانته لدى ساكنة المنطقة مع استحداث أساليب جديدة في عرض هذا الموروث مسايرة للتطور التكنولوجي المعاصر، لا عطاءه الاشعاع العالمي المطلوب.
تعليقات الزوّار
الآراء الواردة في التعليقات تعبر عن آراء أصحابها وليس عن رأي سكوبريس