الإبل ودورها في تاريخ وتراث اهل الصحراء

تحتل الجمال أو الإبل مكانة مميزة في تاريخ وتراث اهل الصحراء، وهي مكانة تعود إلى آلاف السنين، حيث اعتبر الجمل رفيق البدوي في حياته وحله وترحاله، لما حباه به الله من قدرة على الحياة في الصحراء، والتكيف مع طبيعتها القاسية، بما فيها من الحر الشديد وندرة المياه والشمس المحرقة، حتى عرف في التاريخ باسم "سفينة الصحراء"، ويبقى الجمل، ذي القدرة الاستثنائية على التكيف مع الوسط الصحراوي القاحل، مع ذلك حيوانا سخيا.
يدين الرحل للجمل بسكناهم " الوبر" وغذاءهم " اللحم والحليب" أما النساء فيدن له بجمالهن الممتلئ، كما يدين له الصناع بتحفهم الجلدية المتألقة.
إنه المطية التي مكنت الإنسان الصحراوي من القيام برحلاته في الصحاري، ولولاه لما وجدت ملحمة تجارة القوافل العابرة للصحراء أبدا، لقد كان المغرب الصحراوي ومدنه النامية القلب النابض لرخاء البحر الأبيض المتوسط وافريقيا جنوب الصحراء.
يشهد تاريخ المغرب مثلا على الدور الحاسم الذي لعبه الجمل في تأسيس الإمبراطورية المرابطية التي شيدها الملثمون، كبار الرحل الصحراويون، وقد عبر ابن خلدون عن ذلك في بحثه عن قوانين التاريخ ومنح للرحل ذلك الدور الكبير في تشييد الدولة عندما يغادرون مجالاتهم الطبيعية.
تحمل الإبل، في تقاليد الترحال بعالم البيضان وسما على الرقبة او على مؤخرة الفخذ، هذا الوسم " نار" هو علامة مميزة تحيل على المجموعة القبلية وعلى هويتها، يعرف الجميع، بفضل التعلم القائم على الممارسة اليومية للرعي، هذا التعدد في العلامات، ويحددون بنظرة واحدة القبيلة المالكة للجمل.
تختلط القطعان، لكن الإبل لا تضيع أبدا، إنها موسومة بالنار منذ سن مبكرة، وتبقى كذلك مدى الحياة.
راحلة البيظان، القطعة المحورية في عدة ركوب الإبل رمز حقيقي للرعي لدى البيظان: انها تجسد، حسب تيودور مونو الحدود اللا مرأية بين عالم الناطقين بالحسانية والرعي الإبلي للناطقين بالأمازيغية الذين اعتمدوا الطارقية ـ راحلة الطوارق ـ
راحلة الطوارق، ذات الصنع المعقد، تشهد، من خلال المواد، الأشكال والتقنيات المستخدمة على المعرفة العريقة لصناع البيظان، توزيع المهام التي تدخل في نطاق صناعتها غاية في الدقةـ يستأثر الرجال ببعضها، في حين ان البعض الآخر مخصص للنساء.
الراحلة التي تتحمل أعباء الزمن بامتياز هي مبعث فخر الهجان الذي ورثها غاليا عن أسلافه.
حليب اللجرى عملية الحلب بالمراح" ساحة مخصصة للنوق بالفريك أو بالمرعى"
والوحيد الذي يحق له حلب الناقة الواقفة في تقاليد الرحل هو الرجل الراعي، إنه يجمع الحليب الساخن في " ادرس" – وهو وعاء خشبي-
ينبغي تقديم الحليب برغوته في "الكدحة"، والذي يمكن أيضا أن يصبح بينا بمجرد تختره أو يكون منعشا أكثر حينما يخلط بالماء " اشنين – ازريك"
الحليب رمز الرخاء والرفاهية، ويرتبط في متخيل البيظان بعناصر الخير والبركة في الحياة.
يحكي الحليب عن المراعي حيث رعت النوق، ويمكن للبيظان التعرف من خلال طعمه على الأعشاب والنباتات، وبالتالي تحديد مسار القطيع.
يتمحور الجمل في التقاليد العريقة للبيظان الرحل صلب كل العلاقات الاجتماعية.
يمكن تقديم النحيرة" التضحية بناقة " من إكرام الضيف والتعبير له عن الصداقة والتقدير والامتنان.
إهداء النحيرة لزاوية او لخيمة ما" الأسرة البيظانية "برهان عظيم على الاحترام والارتباط الاجتماعي.
" التعركيبة" : الطقس المتمثل في تقديم النحيرة امام خيمة أحد الوجهاء، وهو اثبات مشهود للاستعداد الكامل للتحالف بين قبائل الرحل.
تعليقات الزوّار
الآراء الواردة في التعليقات تعبر عن آراء أصحابها وليس عن رأي سكوبريس