قصف بنسمة الشاي

قصف بنسمة الشاي
بقلم: خديجة وقار 12 مارس 2023

احمد ذو العشرين سنة طالب جامعي في كلية الحقوق يتميز بالذكاء وحسن الخلق.
ففي أحد الليالي وتحديدا في الساعة العاشرة ليلا سمع نشيج بكاء يخرج من غرفة امه. فنهض ليستطلع الأمر. ثم طرق باب الغرفة ونادى امه؛
هل أنت بخير يا امي؟
 فأجابت وهي تحاول اخفاء شجون صوتها: 
نعم يا احمد أنا بخير أخلد الى نومك لتستيقظ لدراستك
 فرجع لغرفته وهو يسأل نفسه ألف سؤال لا جواب له.
  وفي الصباح دخل احمد المطبخ ووجد امه تضع الفطور على المائدة في تأن وخجل كبير يكسو وجهها الملائكي ثم قبلها وعاود السؤال للمرة الثانية:
 هل أنت بخير يا أغلى الناس؟
فقبل أن تجيبه مدت يدها نحو رأسه ودهنت فوق شعره تود مداعبته حتى لا يستشعر حزنها ثم ردت:  
 نعم نعم يا حبيبي اطمئن واجلس لتناول فطورك 
  لاحظ أحمد أن لا شيء فوق طاولة الاكل سوى إبريق الشاي مع خبز حاف وبضع زيتونات فاستغرب احمد لمائدة الفطور التي تفتقر للحليب والزبدة وزيت الزيتون والبيض. وفجأة دخل الاب الذي قضى الليل كله خارج البيت.  وجلس امام احمد وأخذ يتمعن في مكونات الإفطار وكأنه معزوم وليس رب أسرة فصاح بصوت تصم له الأذان ووجهه ينطق غضبا:
 هذا ما قدرك الله عليه شاي وخبز!؟  
. فنظرت الأم إلى أطفالها وهي مبتسمة ثم انحنت جهة كثف زوجها لتهمس له في أذنه:
ستفزعهم أخفض صوتك
 ثم أضافت:
أنسيت أنك أخذت مصروف البيت ليلة البارحة مني وخرجت لتبدره مع اصحابك في سهرة صباحية؟ 
هنا استوعب احمد سبب خلاف أمه وابيه. فصار يضحك ويقول الشاي في الصباح يقوي الذاكرة ويمنع جلطات القلب.
 ظننته يفهم في الطب لكنه فقط يريد تلطيف الجو ثم استرسل في الحديث مع والده لينسيه الخلاف مع امه ويمنع حدوث شجار قد يفسد عليهم الاستمتاع بوجبة الإفطار حتى ولو كان ملك الوجبة هو الشاي أو الخبز الحاف. فكم من أسر عاشت فوق قمم السعادة بتلك التركيبة البسيطة (شاي مع خبز) 
  وفجأة نظر احمد لأبيه نظرة الجاهل المتعطش للمعرفة وكأنه يريد دراسة أفكاره أو الاستفادة منه ثم شرع في طرح الأسئلة:
هل لديك فكرة يا ابي عن واجبات الحكومة نحو البلد؟
وكيف لها ان تحافظ على الميزانية لتوفير حاجيات الشعب؟
 . فرد الأب بسخرية:
إن ذلك القانون الذي تدرسه هو عبارة عن محاضرات فقط ثم أخذ رشفة من كأس الشاي ليداعب بعدها بشفتيه كمية السكر الموجودة به ونطق بصوت غليظ:
الحكومة التي درستها بأم عيني طوال هذه السنوات هي تلك التي نهبت ميزانية البلاد وهربتها خارج الحدود وسلبت حق الشعب في العيش الكريم 
 فرد احمد على والده باحترام:
 تخيل يا ابي أنك أنت الحكومة وأمي هي الميزانية   وانا وأخي الشعب. وهاته الجدران التي تجمعنا هي الوطن. ثم نهض وقبل يد والده وانصرف وترك حيرة عميقة في عينيه .....

 



تعليقات الزوّار

الآراء الواردة في التعليقات تعبر عن آراء أصحابها وليس عن رأي سكوبريس

اترك تعليقا

إقرأ أيضا