القضاء يفصل في قرار وزير الشباب والثقافة والتواصل بسحب جائزة المغرب للكتاب من 9 كتاب

القضاء يفصل في قرار وزير الشباب والثقافة والتواصل بسحب جائزة المغرب للكتاب من 9 كتاب
محمد صالح اكليم 20 سبتمبر 2022

أصدرت المحكمة الإدارية بالرباط خلال جلسة الثلاثاء 20 شتنبر الجاري،  حكمها بشأن قرار مهدي بنسعيد وزير الشباب والثقافة والتواصل ليوم 18 مارس 2022، والذي سحب بمقتضاه جائزة المغرب للكتاب من تسعة كتاب.
وقررت المحكمة الغاء القرار المطعون فيه مع ترتيب الآثار القانونية على ذلك و أداء المدعى عليها لفائدة المدعين التسعة تعويضا عن الضرر المعنوي قدره (درهم واحد) مع تحميل الجهة المدعى عليها المصاريف.
وكان قرار وزارة الثقافة  الرامي الى سحب جائزة المغرب للكتّاب لدورة 2021 من 9 كتّاب وأدباء ومترجمين فازوا مناصفة في 5 أصناف  قد اثار جدلا واسعا في المغرب ، وقرر الفائزون التسعة بالجائزة -في بيان مشترك- تمسكهم بحقهم في اللجوء إلى القضاء الإداري
كما أثار قرار الوزير المهدي بنسعيد، ابضا، جدلا واسعا لدى المشهد الثقافي، وانقسمت الآراء بين محايد ومعارض. ويعود السبب في اتخاذ وزير الثقافة لقراره هذا المثير للجدل، إلى مطالبة المتوجين بجائزة المغرب للكتاب برسم سنة 2021، بمبلغ الجائزة كاملا لكل واحد منهم. 
رسالة الوزير جاءت ردا على رسالة تمت الإشارة إلى أنها كانت جماعية وموقعة من طرف المتوجين التسعة، وطالبوا فيها بمبلغ الجائزة كاملا لكل واحد منهم، رغم أنهم فازوا بها مناصفة.
بالنسبة لبنسعيد، فإن مطلب المتوجين، يعتبر سابقة في تاريخ جائزة المغرب للكتاب التي راكمت أكثر من نصف قرن من الإشعاع،  المبني وفق رسالة الوزير على استحضار جوانبها الاعتبارية ومكانتها المعنوية. 
وعبّر الوزير في رسالته الجوابية على المطلب الجماعي للمتوجين التسعة، عن أسفه، وفق تعبيره، من اختزال كل دلالات الجائزة في قيمتها المادية. وتابع موضحا، أن مبدأ المناصفة معمول به عالميا، ويقوم على اقتسام مبلغ الجائزة بين الفائزين بالمناصفة، وأضاف أن الوزارة لم تدخر جهدا في الرفع من مبلغ مكونات الجائزة وإضافة أصناف أخرى إليها. وفي المقابل جزم المهدي بنسعيد بالقول، إن الوزارة لن تقبل المساس بالاعتبار المكفول لأول وأعرق جائزة مغربية في مجال الكتاب.
يشار إلى أن المعنيين بأمر سحب الجائزة بعد المطالبة بمبلغ التتويج كاملا، دون تقاسم، وفق ما يفيد به مضمون رسالة بنسعيد الجوابية، هم يحيى اليحياوي، إدريس مقبول، يحيى بن الوليد، أحمد بوحسن، الطيب أمكرود، محمد الجرطي، محمد علي الرباوي، حسن أوبراهيم أموري، وبوبكر بوهادي.
رسالة بنسعيد التي تم تداولها على نطاق واسع في مواقع التواصل الاجتماعي وتطبيق التراسل الفوري «واتساب» حملت عنوانا واضحا وجليا وهو «"سحب جائزة المغرب للكتاب لدورة 2021 لأعمالكم" وسبق العنوان الذي هو موضوع الرسالة الجوابية، تبيان أسماء المشمولين بهذا القرار، تبعا لرسالتهم الجماعية.
بالعودة إلى جواب الوزير بنسعيد وقراره سحب الجائزة، أشار في مستهل رسالته إلى تقدير واعتزاز، كبار المفكرين والمبدعين والمؤلفين المغاربة بجائزة المغرب للكتاب، كما تطرق إلى اللجنة المشرفة على اختيار الكتب الفائزة، التي تداول على رئاسة عضويتها خيرة المثقفات والمثقفين المغاربة. واستعرضت رسالة وزير الثقافة الكتب المعنية بسحب الجائزة، ليخبر أصحابها بكل أسف، عن سحب وزارة الشباب والثقافة والتواصل للجائزة الممنوحة مناصفة لأعمالكم.
بيد أن المعنيين بالأمر لم يترددوا في الرد على رسالة وزير الشباب والثقافة والتواصل، التي اعتبروها "سابقة تاريخية" ترقى لتكون في مقام (الفضيحة) ـ وفق قولهم ـ حين أعلن الوزير سحب جائزة المغرب من تسعة كتاب وأدباء ومترجمين فازوا في الدورة الأخيرة من جائزة المغرب للكتاب، لا لشيء إلا لأنهم تقدموا بملتمس لتفعيل البند 13 من قانون الجائزة، الذي ينص على أنه: "يُمنح الفائز بجائزة المغرب للكتاب شهادة وتذكارا ومبلغا ماليا صافيا قدره 120000 درهم ، وهو ما سماه الوزير بمطالب مادية غريبة، مع أنها منصوص عليها في قانون الجائزة، فلم يكن الملتمس سوى طلب لتفعيل القانون في بلد يسعى لأن يكون بلد العدالة وإعمال القانون/ حسبما جاء في رسالة الفائزين بالجائزة. وأضافوا في رسالتهم قائلين: إن الملتمس التوضيحي الذي لم يكن مُوقعا أصلا حتى يكون رسميا (وبالمناسبة نتحدى الوزارة أن تخرج رسالة رسمية موقعة كما تدعي) جاء ليبين أن مبدأ المناصفة في جائزة المغرب للكتاب، يعني فقط أن عملا ثقافيا أو أكثر قد حظي بالاعتماد من لدن اللجنة العلمية المختصة، ليكون أفضل ما عُرض على أنظارها وطنيا، وليكون بنص المرسوم "الفائز" سواء تَوَحد أو تَعَدد. وعليه، فلا وجود لمادة تنص على المناصفة في المرسوم، وعبارة "الفائز" تنطبق على كل مرشح للجائزة ظفِر عمله باختيار اللجنة المختصة، ولفت المثقفون نظر الوزارة إلى وجود سوابق منها سابقة سنة 1996، حيث فاز يحيى اليحياوي وأحمد المتوكل بالجائزة مناصفة مع تمكينهما من قيمة الجائزة كاملة لكل واحد منهما.
وتابعت الرسالة ، في الوقت الذي كان يُنتظر فتح حوار معنا نحن المعنيين بالملتمس، ظلت أبواب مديرة الكتاب في الوزارة السيدة لطيفة مفتقر وكذا أبواب الوزير في القطاع السيد محمد المهدي بن سعيد موصدة، في الوقت الذي جرت فيه مساع سلبية داخل الوزارة تهيئ لانقلاب مكتمل الأركان على الثقافة، في وزارة تُعنى بالثقافة، حيث سعت الوزارة لاستدعاء رؤساء اللجن العلمية لدفعهم في اتجاه تغيير نتائج الجائزة في الفروع التي عرفت المناصفة، وهي سابقة سوداء لم تعرفها الجائزة، إلا في عهد هذا الوزير، الذي يبدو طارئا على حقل الثقافة بمثل هذه الممارسات التي تضرب أسلوب الحكامة في الصميم، وتزري بالثقافة المغربية أمام العالم، وقد تشبث رؤساء اللجن بموضوعيتهم واستقلالهم وعدم إمكان التصرف في النتائج بعد اعتمادها في محاضر نهائية.
وعبّر الكتاب الفائزون عن اندهاشهم من القرار الوزاري الذي وصفوه بـ"المتسرع وغير القانوني" مفسرين ذلك بالقول إن القانون لا يعطي أيا كان سحب الجائزة، إلا من طرف اللجنة العلمية حال خرق أحد الشروط العلمية المنصوص عليها في قانون الجائزة، ولا يسعنا جميعا إلا استنكار هذا السلوك الذي يسيء لمغرب الثقافات والتنوع، كما يسيء إساءة بالغة لجهود الملك طوال سنوات، حرص فيها على العناية بالمثقفين بما يمثلونه من رصيد رمزي للوطن وبما يجسدونه من قيمة في الرأسمال اللامادي الذي به تتقدم الأمم وبه تتخلف».
وأعرب الفائزون عن تمسكهم بحقهم في اللجوء إلى القضاء الإداري "بعدما يئسنا من إغلاق باب وزارة الثقافة طوال هذه المدة المنصرمة، وقد راسلنا رئيس الحكومة للتدخل وتصحيح الوضع الكارثي، الذي ورط وزيره في الثقافة المغرب فيه بقراره النزق واللاعقلاني والذي يفتقر إلى كثير من النضج" وفق ما جاء في الرسالة.
في السياق نفسه، قال اتحاد كتاب المغرب، إنه تلقى باستغراب شديد، قرار وزير الشباب والثقافة والتواصل بموجب رسالة موجهة إلى الفائزين مناصفة بجائزة المغرب للكتاب، لدورة 2021، والقاضي بسحب جائزة المغرب للكتاب منهم.
وأوضح في البيان أن جائزة المغرب للكتاب ظلت، منذ إحداثها، محتفظة بقيمتها التاريخية والاعتبارية والرمزية، بالنظر إلى كونها جائزة تمنح باسم الدولة المغربية، وليس باسم الوزارة الوصية، وهو ما جعل المشرع يحصنها بمرسوم، ينظم مساطرها ولجانها، ويصون مصداقيتها واستقلاليتها، بعيدا عن أي وصاية مباشرة على نتائجها، من قبل أي سلطة حكومية كانت؛ إذ يعود الاختصاص في ذلك، فقط للجان الجائزة ولرئيسها. 
وأضاف البيان أن اتحاد كتاب المغرب الذي عرف، منذ تأسيسه، بمواقفه ومبادئه الثابتة، وبدفاعه المستميت عن الكتاب المغاربة، وعن حقوقهم الثقافية والمادية ومكانتهم الاعتبارية، يعبر عن أسفه واستنكاره لقرار الوزير بسحب الجائزة من الفائزين بها، عن كل جدارة واستحقاق، ويعتبر أن قراره لا سند قانونيا له، ولا حق له في اتخاذه، وهو ما يجعل منه قرارا جائرا ومتهافتا، وسابقة خطيرة تمس بكرامة الجسم الثقافي والإبداعي المغربي، وتسيء لسمعة الجائزة، ولقرارات لجانها، ولصورة بلادنا وإشعاعها الثقافي. وأوضح البيان قائلا "يحدث هذا، في وقت كنا ننتظر فيه من الوزير المعني، النهوض بأوضاع الكتاب والمبدعين والفنانين، في سياق تحتفي فيه بلادنا بالرباط عاصمة للثقافة في العالم الإسلامي، وعاصمة للثقافة الافريقية، فيما تتهيأ عاصمة الثقافة المغربية لاستضافة الدورة المقبلة المعرض الكتاب والنشر، لكن، للأسف الشديد، بطعم الفضيحة، وتبخيس قيمة الكتاب، وإهانة الكتاب".
هذا، و دعا اتحاد كتاب المغرب، وزير الشباب والثقافة والتواصل، إلى التعجيل بالتراجع عن قراره غير الموفق، والاعتذار للفائزين بالجائزة وللكتاب المغاربة، جراء ما طالهم جميعا من إهانة، ومس بكرامتهم وبحضورهم الرمزي، والعمل، بالتالي، على مراجعة النصوص التنظيمية لجائزة المغرب للكتاب، وتحصينها، ضمانا لاستقلاليتها، وصونا لمصداقيتها..
الى ذلك، وتعدّ جائزة المغرب  للكتاب  من أرفع الجوائز بالمملكة،  وهي تتويج سنوي لأجود الكتب المغربية الصادرة في مجالات العلوم الإنسانية والاجتماعية والدراسات الأدبية والفنية والشعر والترجمة والسرديات والمحكيات.

 



تعليقات الزوّار

الآراء الواردة في التعليقات تعبر عن آراء أصحابها وليس عن رأي سكوبريس

اترك تعليقا

إقرأ أيضا