عيد الحب "سان فالنتين" بين الاسطورة والتعويض عن الوشائج العاطفية المفقودة

بعد اتلاف العديد من الوثائق التاريخية بفعل الحروب والنزاعات الدينية والعرقية والاثنية، تبقى تفاصيل حياة القديس فالنتين شحيحة جدا، ولا يعرف عنها سوى النزر القليل، وكانت تنتقل من جيل لجيل عبر الموروث الشفاهي، الى ان تمت طباعتها عام 1260 في "Legenda Sanctorum" ونشرت بواسطة "Jacobus de Voragine" في ذلك العام، ومن ثم تم نشرها في كتاب "Nuremberg Chronicle" عام 1493. فما سر الاحتفال بعيد الحب، ومن هو القديس سان فالنتين الذي اتخذت قصته كمناسبة للاحتفال بهذا اليوم، هذا ما سنحاول تناوله في هذا النص، معتمدين فيه على المصادر المتداولة والتي تبقى غير دقيقة ويعتريها شيء من المبالغة والخيال.
تعرضت الإمبراطورية الرومانية في القرن الثالث الميلادي للغزو من قبل القوط، في فترة انتشر فيها مرض الطاعون أو الجدري، ما أسفر عن وفاة 5 آلاف شخص يوميا من بينهم الكثير من الجنود.
وعقب تزايد عدد الموتى، زادت الحاجة إلى الجنود لقتال القوط الغزاة، وكان الاعتقاد السائد بأن أفضل المقاتلين هم العزاب، فحظر الإمبراطور، كلوديوس الثاني، الزواج التقليدي على الجنود.
وتمكن الإمبراطور من قمع الخصومات الداخلية الناجمة عن اغتيال الإمبراطور غالينوس، من خلال تأليه مجلس الشيوخ الروماني للإمبراطور غالينوس وجعله يُعبد إلى جانب الآلهة الرومانية الأخرى.
واضطر المواطنون لعبادة الآلهة الرومانية، واعتبر الذين رفضوا عبادة الآلهة "غير وطنيين" وأعداء للدولة، كما استهدفت الاضطهادات في تلك الفترة على وجه التحديد المسيحيين، بإجبارهم على التخلي عن معتقداتهم أو مواجهة عقوبة الموت.
وخلال القرون الثلاثة الأولى للمسيحية، مورس على المسيحيين الكثير من أشكال الاضطهاد، فألقي بهم أحياء في الماء المغلي، أو قطعت ألسنتهم وعُذبوا بطرق أفظع من ذلك، كما تم تدمير الكثير من الكتب والسجلات التاريخية والكتابات المسيحية.
وكان القديس فالنتين إما كاهنا في روما، أو أسقفا في تيرني بوسط إيطاليا، وقد خاطر بإغضاب الإمبراطور بدفاعه عن الزواج التقليدي، وقام بتزويج الجنود سرا في الكنيسة، وثنيين كانوا أم مسيحيين. وعندما طالب الإمبراطور كلوديوس المسيحيين بالتخلي عن معتقداتهم، والعودة لعبادة الأصنام، رفض القديس فالنتين ذلك الأمر، فتم إلقاء القبض عليه، وحكم عليه بالموت.
وبينما كان فالنتين في سجنه منتظرا تنفيذ حكم الإعدام، طلب منه سجانه "Asterius" الدعاء لابنته الكفيفة، فاستعادت بصرها بأعجوبة، ما جعل والدها يتحول إلى المسيحية جنبا إلى جنب مع العديد من الآخرين.
وقام فالنتين قبل إعدامه بكتابة رسالة إلى ابنة السجان التي وقع في حبها، ووقعها قائلا "من عاشقك".
وتعرض فالنتين للضرب بالعصي والحجارة لقتله، لكن المحاولة فشلت ولم يمت فالنتين، فقطعت رأسه خارج "بوابة فلامينيا" إحدى بوابات روما القديمة، في 14 فبراير/شباط 269 م.
وفي عام 496 ميلادي قام البابا غلاسيوس بتعيين يوم 14 فبراير "يوم القديس فالنتين".
وبدأ الأدباء منذ العصور الوسطى من قبيل، جيفري تشوسر، بربط يوم القديس فالنتين بالحب، إلى أن أصبح في نهاية المطاف خلال القرن الـ 18 أحد التقاليد الإنجليزية التي يتم خلالها تبادل الزهور والحلويات وإرسال بطاقات المعايدة بـ "عيد الحب".
وبعيدا عن الهدايا والمعايدات التقليدية، يعتبر عيد الحب متنفسا للناس خاصة النساء للتعبير عن شيء ينقصهم "ن" في دنياهم "ن" اليوم في زمن انشغل فيه كل واحد بحياته، برغبة تحقيق ذاته والوصول الى غايته، وشحت فيه الوشائج الإنسانية وانعدم فيه التواصل المباشر، حتى وسط الاسرة الواحدة التي وجد افرادها الملاذ في مواقع التواصل الاجتماعي لربط علاقات في العالم الافتراضي متناسين المحيطين بهم.
تعليقات الزوّار
الآراء الواردة في التعليقات تعبر عن آراء أصحابها وليس عن رأي سكوبريس