الأسود تزأر في مملكة الفيفا وتكتب التاريخ

الأسود تزأر في مملكة الفيفا وتكتب التاريخ
بقلم:  عبد الهادي مزراري 20 ديسمبر 2022

أما وقد انتهى المونديال بالنسبة للمغرب بترتيب فريقه الكروي في المرتبة الرابعة عالميا، أصبح من الممكن البوح ببعض الحقائق تتعلق بالوطن على الصعيد الداخلي كما على الصعيد الخارجي.
أول مسألة يجب الاعتراف بها، هي أن أحدا لم يكن يتوقع أن يصل فريقنا الوطني للمربع الذهبي ويلعب ضمن الأربع الكبار في نصف النهاية.
بصراحة لم يكن سقف الحلم الوطني ولا العربي ولا الافريقي ينطح سماء نصف النهاية بالنسبة للفريق الكروي المغربي. وذلك لأسباب كثيرة مرتبطة أولا بالشعور العام المتمثل في "الإيمان بالهزيمة"، التي صارت أمرا مسلما به، خاصة في ملتقيات عالمية مثل كأس العالم.
ثانيا، مسار الفريق الوطني المغربي ظل لفترة طويلة محط انتقاد من كل الجهات، بسبب التسيير السيئ، وتعاقب مدربين مثيرين للجدل، فضلا عن نتائجه المتواضعة على الصعيد الإقليمي.
ثالثا، انتداب مدرب جديد (وليد الركراكي) ولفترة قصيرة للفريق الوطني وعلى بعد بضعة أسابيع من انطلاق مباريات كأس العالم في قطر، مسألة أثارت الكثير من الشك بشأن تحقيق نتائج مرضية.
رابعا، وجود المغرب في الجولة الأولى في مواجهة كل من بلجيكا وكرواتيا وكندا، أمر رجح كافة الحسابات لطرده من المونديال لأن القرعة اسقطته في مجموعة الموت.
لكن رغم هذه العوائق وغيرها خلق الفريق الوطني المفاجأة وصعد الدرج إلى القمة، وتمكن من إسقاط فرقا عالمية كبرى إسبانيا والبرتغال، في دور الثمن النهائي بعدما تعادل مع كرواتيا وانتصر على بلجيكا وكندا، ثم تقابل مع فرنسا صاحبة الكأس في المونديال السابق في نصف النهائي.
وقف العالم مشدوها أمام هذه النتيجة، وخفقت قلوب مئات الملايين من الناس وربما الملايير، بحب المغرب ودعمه ولم يصدق أحد إن كنا في حلم أم أمام حقيقة، حتى أن الجميع أفرط في التفاؤل بالقول إن "كأس العالم في قطر 2022، مغربي".
رجة ما بعدها رجة، جعلت بعضنا في داخل الوطن يتساءل ما سبب هذا النجاح؟ هل المدرب الجديد وليد الركراكي؟ هل أفراد الفريق المنتسبين لفرق اوروبية عتيدة ويتحدرون من أصول مغربية مدينون بإخلاص للدم المغربي، الذي يجري في عروقهم؟ هل بسبب إدارة فوزي لقجع التي نجحت إلى حد ما في تموقع المغرب قاريا وإقليميا؟ هل بسبب أكاديمية محمد السادس لكرة القدم التي جرى وضعها مثل لبنة في أساس البناء الكروي في المغرب؟
ثمة قاعدة تقول "إن النجاح لا يأتي من فراغ"، شئنا أم أبينا كل تلك الأسباب لها دور بنسبة معينة في الصعود الصاروخي للمغرب في كأس العالم، وما يجب التأكيد عليه هو الآتي:
1- عدم القبول مستقبلا بما هو أدنى من واقعة قطر.
2- لزوم إسناد الأمور إلى أهلها.
3- جعل الثقة في الكفاءات الوطنية الصادقة.
4- الثقة في الذات والإيمان بالفوز بدل التسليم بالهزيمة.
5- الاعتماد على كفاءات مغاربة العالم فهم ثروة تحمل في قلبها ثورة لنهضة الوطن.
6- الثقة في الاستراتيجيات البعيدة المدى التي وضع اسسها الملك محمد السادس للمغرب.
7- الثقة في العمل بإخلاص وفي حب الوطن.
8- الفريق المغربي أعاد الوحدة القومية ووحد الشعوب العربية ورفع الحيف عن إفريقيا.
9- الفريق المغربي قدم صورة رائعة عن الأخلاق والاعتراف بالأسرة وإعادة الاعتبار للبر بالوالدين.
إنها مفاتيح النجاح الأساسية، وليس هناك ما يمنع من نقل تطبيقها إلى مجالات الاقتصاد والسياسة والثقافة والتعليم. إن التقدم هو سلسلة واحدة من حلقات مترابطة. ولا ينكر إلا جاحد أن التطور المبهر الذي حقفه الفريق الوطني في مونديال قطر لا ينفصل عن نجاحات يحققها المغرب على ميادين كثيرة أبهرت العدو قبل الصديق.
في سياق ذلك، وفي خضم مباريات كأس العالم وقف العالم بأسره على واقعة لها ما لها وعليها ما عليها، عندما تواجه الفريق الكروي المغربي مع نظيره الفرنسي، في مباراة نصف النهاية، ولم يتمالك الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون نفسه، فطار إلى الدوحة ليشهد على ضلوع حكم المباراة المكسيكي
سيسار راموس في تزوير حكمين لصالح فريق بلاده لمرتين متتالتين غيرتا مسار المباراة ليتم إقصاء المغرب وتأهل فرنسا للنهائي ضد الارجنتين.
لم تعد كرة القدم لعبة رياضية، ولم يعد الهواء الذي يملأ الكرة من دون لون أو شكل أو طعم، بل صارت له انتماءات على المقاس تميز بين الشعوب والامم والحضارات والديانات، فهي في كأس العالم محفل كوني لإثبات الذات وتصفية الحسابات، ولهذا اصبحت الفيفا منتدى كبير للفساد على حد قول الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب، الذي دون شك نطق بناء على تقارير تعج بها ارشيفات أجهزة الاستخبارات الأمريكية.
من جهته استقبل المغرب ما وقع لفريقه في نصف النهائي ضد الفريق الفرنسي بدم بارد، وكأن شيئا لم يحدث باستثناء التبليغ الذي قامت به إدارة الجامعة لتنبيه الفيفا إلى ما حدث من خروق على مستوى التحكيم.
ما دامت اللعبة لم تعد رياضية ولم يعد بعض القادة السياسيين حياديين بروح رياضية، فالأمور يجب أن تؤخذ على محمل الجد بطريقة سياسية يتماهى فيها ما هو ديبلوماسي وما هو استخباراتي، وفي صورة تحاكي المشهد، الذي جمع الثلاثي ياسين المنصوري، وعبد اللطيف الحموشي، وناصر بوريطة، وهم يتابعون المقابلة التي جرت بين الفريق المغربي ونظيره الإسباني. فحضورهم كان رسالة إلى من يهمه الأمر بأن الميدان مراقب بشكل جيد.
حتى إذا أخطأت فرنسا أو غيرها في "اللعب" فلا شك أن كاميرات المراقبة رصدت كل التفاصيل، وأن ملفات جاهزة للعرض، فاللعب بدأ ولم ينته، وكلما كبر المغرب في المونديال وبعده صغر حجم خصومه.
وامام هذا الانجاز التاريخي لا نملك الا ان نشد بحرارة على يد اسودنا وهنيئا لفريقنا الوطني .

 



تعليقات الزوّار

الآراء الواردة في التعليقات تعبر عن آراء أصحابها وليس عن رأي سكوبريس

اترك تعليقا

إقرأ أيضا