المرحوم مصطفى شكري "بيتشو" الحصان المغربي الأصيل الذي ابهر الملك الراحل الحسن الثاني

ازداد مصطفى شكري أو بيتشو "كنية على زوج أمه الملقب ببيتشو" عام 1947 بدرب الكلوطي بالدار البيضاء ، بيتشو ذو القامة الطويلة والبنية الجسدية القوية، ابن درب السلطان، لم يكن مسموحا المزاح معه، هو ببساطة " العود " كما قال محمد فاخر، الذي كان يحلم فقط أن يتدرب معه قبل أن يصبح زميلا له في الرجاء،
ولم يكن ممكنا الحديث عنه دون الرجوع الى اثنين ممن شكلوا معه ثلاثيا أسطوريا في الرجاء: عمر العمري (بوتي عمر) ومحمد عبد العليم (بينيني) ابن خالته والذي عاش معه الطفولة خطوة بخطوة
في تلك الفترة كان درب الكلوطي يعج بالفنانين، مثل الطيب الصديقي، نعيمة المشرقي، الشعيبية العذراوي، مصطفى الداسوكين، مصطفى الزعري، والحاجة الحمداوية التي كان منزلها يجاور منزل بيتشو، عموما كانت العلاقات طيبة مع كل الجيران، يستطرد بينيني: كان يمكن أن نأكل ونشرب ونبيت في أي منزل، ببساطة كنا عائلة واحدة
ترعرع بيتشو في وسط رجاوي محض، فأول رئيس للرجاء حجي بن أبادجي، كان يقطن ف درب الكلوطي ومجموعة من نجوم الرجاء أيضا كانوا من ابناء الدرب، مثل بهيجة، والوزاني.
عشق بيتشو كرة القدم، وهجر مقاعد الدراسة ليجدب المتفرجين إلى مقاعد الملاعب،
البداية كانت في مدرسة الرجاء تحت توجيه عبد القادر جلال، حتى صعد في موسم 1967 - 1968 إلى الفريق الاول ليبدأ مشواره مع النسور الخضر، ف هذا الصدد يذكر رفيق دربه بنيني بأن بيتشو كان يهاب الكرة في البداية، لكنه احتك بها مع مدرب الرجاء الاب جيكو، حتى صقلت موهبته. ليصبح " العود " بعد ذلك لاعب وسط ميدان بامتياز متقلدا مهمة قائد الفريق، القائد الذي لا يتقبل طعم الهزيمة او الخسارة..
وكانت خاصية بيتشو داخل الملعب أنه لم يكن ينحني أبدا ليرى الكرة، " العود " كان دائما مرفوع الرأس
بعد عودته من المكسيك سيبزغ نجمه (كأس العالم 1970)
حيث لعب هناك الشوط الثاني مع بلغاريا بعد ذلك صار بيتشو يقارن باللاعب الهولندي يوهان كرويف
سنة 1974، كان مشجعي الخضر على موعد مع تتويج فريقهم مع أول ألقابه في نهائي كأس العرش ضد المغرب الفاسي، فاز الفريق الأخضر بالرغم من عدم وجود" العود "
وسط الميدان على إثر توقيفه بورقة حمراء في أحد المباريات السابقة. لكن المثير أن الملك الراحل الحسن الثاني، الذي كان حاضرا في هذا العرس الكروي همس له قائلا: " اليوم للي جينا نتفرجو فيك ماكنتيش انت". وفي حكاية أخرى يروي المرحوم عبد الواحد معاش، أحد الرؤساء السابقين لفريق الرجاء البيضاوي، ان الراحل الحسن الثاني أمر القائمين على التلفزيون المغربي بإعادة أحد أهداف “العود” خمسين مرة، بعدما أعجب بالطريقة التي سجل بها الهدف مباشرة من الملعب.
مسيرة بيتشو مع الرجاء ستنتهي بعد مشاكل مع المسؤولين، لينتقل الى الغريم التقليدي: الوداد سنة 1976 بعد أن اختطفه عبد الرزاق مكوار، لكن الجوكير الجديد للوداد ظل رجاوي القلب، بشهادة الوداديين أنفسهم وهو ما أكده صديقه في الوداد عبد الرحيم صابر:" كان بيتشو يتابع نتائج الرجاء وظل مرتبطا بأصدقائه الرجاويين رغم لعبه مع الوداد حتى أنه كان يغير ثيابه أثناء التداريب في الغرفة الخاصة بفريق الرجاء قبل أن يذهب لملعب الوداد
لكن رغم أن المجد والفترة الذهبية كانت مع الرجاء الا أن حصد الالقاب كان مع الوداد في بطولات اعوام: 1976 - 1977 - 1978 وكأس العرش امام النهضة القنيطرية عام 1978 ،
لكن سرعان ما بدأت تتهافت عليه فرق من الخارج مثل موناكو وسوشو، إلى أن وقع الاختيار على نادي الهلال السعودي ا بعد ضغط من المقربين سنة 1979 ، وهناك سرق الأنظار في أول مباراة ودية له مع فريقه الجديد، واستطاع أن يبين عن مستوى جيد، وأن يسرق الشهرة من اللاعب البرازيلي الشهير ريفيلينو.
ظل بيتشو مرتبطا بعائلته ومواظبا على الزيارات المنتظمة في المناسبات، ويعترف الجميع بخاصية السخاء لديه، كان مهووسا بل مريضا بمساعدته الآخرين من العائلة الى ابناء الدرب، ربط بيتشو ايضا علاقات طيبة مع عرابي الرجاء عبد اللطيف السملالي والمعطي بوعبيد
عاش بيتشو طفولة صعبة جعلته حاقدا على الحياة كما يقول بوتي عمر تجلى ذلك ف طبعه الحاد والعنيف وسرعة الغضب لا يمكن لاي أحد كان اقتحام مساحته الخاصة سوى الاصدقاء، الذين كانوا بمثابة عائلة بديلة له
لم يكن بيتشو متملقا او مجاملا ام منافقا بل كان واضحا وصافيا، إذا أحبك بيتشو فهذا يعني أنه يحبك فعلا وإذا لم يحبك، ببساطة سيقول لك:" عطيني التيساع «،» كاريزما بيتشو يقول فاخر تجعل الغرباء يهابونه "
هناك جانب فني زخرف حياة بيتشو، المسرح و السينما بل كان لديه أصدقاء فنانون ومن بينهم الداسوكين والزعري وعبد اللطيف هلال، هو كذلك مستمع جيد لام كلثوم، إذ يقول بوتي عمر بأنه كان يجلب لهم أسطوانات لأغانيها وخصوصا كانت تربطه علاقة خاصة مع أغنية " اقول لك إيه عن الشوق يا حبيبي ..."
وأصبح الأحبة ذات يوم تائهون حين استيقظ المغاربة في يناير عاد 1980 على خبر كالصاعقة. سقط " العود " مرة واحدة وأخيرة، وهو في ريعان شبابه، وهي وفاة حامت حولها عديد من الاقاويل ... تضاربت الروايات.. وفاة بقيت بين قوسين غامضة!!
ألم فقدان بيتشو كان رهيبا على المقربين منه: يقول فاخر:" لم أهضم الى يومنا هذا الفراغ الذي تركه بيتشو بداخلي " أما بينيني فقد قال:" تلك كانت الصدمة الاولى التي عشتها بعد فقدان أقرب الاشخاص الي، ظللت ميتا لستة أشهر.. أحسست أني فقدت ذراعي الايمن "
مات بيتشو وحيدا ومغتربا في السعودية، حاول العودة الى المغرب، لكنهم أخذوا جواز سفره ومنعوه من الرجوع، مخافة الا يعود وتشاء الاقدار ان تنتهي الرحلة هناك

تعليقات الزوّار
الآراء الواردة في التعليقات تعبر عن آراء أصحابها وليس عن رأي سكوبريس