تفاقم ظاهرة التسول تتطلب سن قوانين صارمة لتجريمها

تنامت ظاهرة التسول في المغرب بشكل ملفت خلال السنوات الأخيرة، وتزداد اعداد المتسولين يوما عن يوما مما يخدش صورة المملكة ويضرب في الصميم اهداف كل البرامج الاجتماعية التي ترنو الى تحسين عيش الساكنة، وخلق الظروف الملائمة لتشجيع المبادرات الفردية، فاضحت كلمة " تعاون معنا " لازمة لدى فئات قادرة على الشغل والإنتاج، الشيء الذي يحول شريحة عريضة من المواطنين الى قوة سلبية خاملة تشكل ثقلا على الاقتصاد الوطني، الشي الذي يتطلب من الأجهزة المسؤولة تكثيف جهودها لمحاربة التسول ، وعلى المؤسسات التشريعية سن قانون صارمة تجرم هذه الظاهرة
وكشفت نتائج بحث وطني كان المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي قد انجزه حول ظاهرة التسول سنة 2007 عن رقم مهول، حيث أشار الى ان عدد المتسولين في المغرب يقدر حينها بنحو 200 ألف شخص، مشيرا أن غياب دراسات ومعطيات إحصائية محيَّنة حول التسول بالمغرب يشكل عائقاً كبيراً أمام إرساء فعلٍ عمومي قادرٍ على محاربة هذه الظاهرة بشكل فعال.
وأشار المجلس في خلاصة له تحت عنوان " من أجل مجتمع متماسك خال من التسول" الى أن المقاربة المعتمدة حاليا على الصعيد الوطني في مجال محاربة التسول غير ناجعة بالقدر الكافي.
وشدد على أن البرامج الاجتماعية لمحاربة الفقر والهشاشة، بسبب طبيعتها المجزأة ومعايير الاستهداف المعتمدة وكيفيات التنفيذ، لا تتيح التصدي بشكل كاف ومستدام للانعكاسات السلبية للفقر والهشاشة على الفئات المعوزة، التي تظل في الغالب خارج نطاق تدخل هذه البرامج.
وسجل المجلس أن الموارد البشرية والمادية المخصصة للمراكز الاجتماعية التابعة لمؤسسة التعاون والوطني، وكذا لخطة العمل الوطنية لحماية الأطفال من الاستغلال في التسول (تم إطلاقها سنة 2019)، لا تزال، حسب الفاعلين الذين تم الإنصات إليهم، محدودة للغاية بالنظر إلى حجم الظاهرة.
وأبرز أن تجريم المُشَرِّع المغربي للتسول والتشرد على مستوى الفرع الخامس من مجموعة القانون الجنائي، يتسم بمحدودية فعليته وبكونه يتناقض مع مقتضيات أخرى من هذا القانون ويتنافى مع المعايير الدولية ذات الصلة الجاري بها العمل.
ودعا إلى تعزيز آليات حماية الطفولة على صعيد المجالات الترابية (وحدات حماية الطفولة) على مستوى الهيكلة والتنظيم وتوفير الموارد البشرية والمادية الضرورية، وكذا عبر تشديد العقوبات في حق مستغلي الأطفال والمتاجرين بهم، سواء كان هؤلاء من أسرة الطفل أو غُرَباء عنه.
وألح المجلس على أهمية مراجعة الإطار القانوني الحالي، لاسيما من خلال إلغاء تجريم التسول، مع العمل على تشديد العقوبات الجنائية ضد استغلال الأشخاص في التسول، وبالموازاة مع ذلك، ينبغي اقتراح بدائل دائمة للتسول، من خلال تعزيز السياسات المتعلقة بالمساعدة الاجتماعية وتطوير الأنشطة المدرة للدخل وتحسين التكفل بالأشخاص الذين يعانون من اضطرابات عقلية.
هذا، وخلص المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي في نهاية رأيه على أهمية التركيز على المقاربة الوقائية، من خلال تعزيز قدرة الأُسَر على الصمود اجتماعياً واقتصادياً، وذلك عبر محاربة الفقر والفوارق الاجتماعية والمجالية، وتحسين الولوج إلى الخدمات الصحية والتعليم والتكوين والشغل.
للإشارة فان المغرب يعاني من استفحال التسول، ورغم غياب دراسة دقيقة ومحينة لهذه الظاهرة ، فان التقديرات تشير الى ان العدد يربو عن المليون شخص ، خاصة مع ظهور تقليعة جديدة من التسول تتمثل في استغلال وسائط التواصل الاجتماعي اصطلح على تسميتها "التوسل الالكتروني"، زيادة على الظواهر القديمة لهذه الافة، من ادعاء عاهات مستدامة، واستغلال الأطفال لاستدرار تعاطف المحسنين والحصول على الصدقات منهم، حيث تعمد بعض الشبكات المتخصصة في هذا المجال الى اكتراء القاصرين والرضع وذوي العاهات من ذويهم مقابل أجر محدد سلفا، وتوزيعهم على أماكن معينة، وقد يعمد اباطرة هذه الظاهرة الى اختطاف الأطفال قصد استغلالهم في التسول.

تعليقات الزوّار
الآراء الواردة في التعليقات تعبر عن آراء أصحابها وليس عن رأي سكوبريس