الاحتفال بعيد الشغل او يوم العمال العالمي وفاء لإحياء ذكرى هايماركت

الاحتفال بعيد الشغل او يوم العمال العالمي وفاء لإحياء ذكرى هايماركت
محمد صالح اكليم 01 مايو 2024

تحتفل الطبقة الشغيلة في جل دول المعمور يوم فاتح ماي من كل سنة بعيد الشغل ويسمى أيضا يوم العمال العالمي في بعض البلدان، وهو احتفال نقابي سنوي ويعتبر عطلة رسمية في عدد منها، غير ان العديد من الناس يجهلون ان هذا العيد هو مناسبة تقام لإحياء ذكرى هايماركت او لاستحضار والترحم على أرواح العمال الذين أريقت دماؤهم لتحقيق مطالب الشغيلة.
تعود خلفية هذا اليوم إلى القرن التاسع عشر إلى أمريكيا وكندا واستراليا. فقبل الإعلان عن هذا اليوم بسنوات، كانت شيكاغو في القرن التاسع عشر تخوض نزاعات عمالية لتخفيض ساعات العمل في هاميلتون، وبشكل خاص في الحركة التي تعرف بحركة الثمان ساعات.
كانت بداية الاحتفال بعيد العمال يوم 21 ابريل 1856 في أستراليا، ثم انتقلت إلى الولايات المتحدة الأميركية، حيث طالب العمال في ولاية شيكاغو عام 1886 بتخفيض ساعات العمل اليومي إلى ثماني ساعات، وتكرر الطلب في ولاية كاليفورنيا. وفي تورونتو الكندية حضر زعيم العمال الأميركي بيتر ماكغواير احتفالا بعيد العمال، فنقل الفكرة وتم تم الاحتفال بأول عيد للعمال في الولايات المتحدة الأمريكية يوم 5 سبتمبر 1882 في مدينة نيويورك أثمر نضال العمال في كندا قانون الاتحاد التجاري الذي أعطى الصفة القانونية للعمال ووفر الحماية لنشاط الاتحاد عام 1872.
وفي يوم 1 مايو من عام 1886 نظم العمال في شيكاغو ومن ثم في تورنتو إضرابا عن العمل شارك فيه ما بين 350 و 400 ألف عامل، يطالبون فيه بتحديد ساعات العمل تحت شعار «ثماني ساعات عمل، ثماني ساعات نوم، ثماني ساعات فراغ للراحة والاستمتاع»، الأمر الذي لم يَرق للسلطات وأصحاب المعامل خصوصا وأن الدعوة للإضراب حققت نجاحا جيدا وشلت الحركة الاقتصادية في المدينة، ففتحت الشرطة النار على المتظاهرين وقتلت عدداً منهم، ثم ألقى مجهول قنبلة في وسط تجمع للشرطة أدى إلى مقتل 11 شخصا بينهم 7 من رجال الشرطة واعتُقِلَ على إثر ذلك العديد من قادة العمال وحُكم على 4 منهم بالإعدام، وعلى الآخرين بالسجن لفترات مُتفاوتة. وعند تنفيذ حكم الإعدام بالعمال الأربعة كانت زوجة أوجست سبايز أحد العمال المحكوم عليهم بالإعدام تقرأ خطابا كتبه زوجها لابنه الصغير جيم «ولدي الصغيرعندما تكبر وتصبح شابا وتحقق أمنية عمري ستعرف لماذا أموت، ليس عندي ما أقوله لك أكثر من أنى بريء، وأموت من أجل قضية شريفة، ولهذا لا أخاف الموت وعندما تكبر ستفخر بابيك وتحكى قصته لأصدقائك» وقد ظهرت حقيقة الجهة التي رمت القنبلة عندما اعترف أحد عناصر الشرطة بأن من رمى القنبلة كان أحد عناصر الشرطة أنفسهم.
بعد وفاة عمال على أيدي الجيش الأميركي فيما عرف بإضراب بولمان عام 1894، سعى الرئيس الأميركي غروفر كليفلاند للمصالحة مع حزب العمل، تم على إثرها بستة أيام تشريع عيد العمال وإعلانه إجازة رسمية. بقي غروفر قلقا من تقارب اليوم الدولي للعمال مع ذكرى هايماركت في 4 مايو 1886 حيث قتل أكثر من 12 شخصاً حينها، وجاء إضراب شيكاغو ضمن سلسلة إضرابات نظمت في عدد من المدن الأميركية يوم الأول من مايو1886 تحت شعار «من اليوم ليس على أي عامل أن يعمل أكثر من ثماني ساعات»، وبلغ عدد تلك الإضرابات خمسة آلاف إضراب وشارك فيها نحو 340 ألف.
الأول من مايو.
تجاوزت قضية هايماركت أسوار أميركا وبلغ صداها عمال العالم، وأحيا المؤتمر الأول للأممية الاشتراكية ذكراها في العاصمة الفرنسية باريس عام 1889، وتمت الدعوة لمظاهرات دولية لإحياء ذكرى هايماركت عام 1890، وفي العام الموالي اعترفت الأممية الاشتراكية في مؤتمرها الثاني بعيد العمال حدثا سنويا. وفي عام 1904 دعا اجتماع مؤتمر الاشتراكية الدولية في أمستردام جميع المنظمات والنقابات العمالية وخاصة الاشتراكية منها في جميع أنحاء العالم إلى عدم العمل في الأول من مايو من كل عام، وتم السعي لجعله يوم إجازة رسمية في عشرات الدول. وفي عام 1955 باركت الكنيسة الكاثوليكية الأول من مايو عيدا للعمال، واعتبرت القديس يوسف بارا أو يوسف النجار شفيعا للعمال والحرفيين، فيما سارت الولايات المتحدة على تقليدها القديم، واعتبرت أول يوم اثنين من شهر سبتمبر من كل عام عيدا للعمل، وكذلك الأمر في كندا.
تمسك الاشتراكيون والشيوعيون الأميركيون ومن وصفوا بالفوضويين، بإحياء يوم الأول من مايو وتنظيم مظاهرات ومسيرات في شيكاغو ونيويورك وسياتل وغيرها. وفي عام 1958 اعتبر الكونغرس الأميركي هذا اليوم، يوم وفاء (لذكرى هايماركت) خاصة بعدما حظي بالتقدير من دول عديدة وعلى رأسها الاتحاد السوفياتي. وأعلن الرئيس الأميركي دوايت أيزنهاور الأول من مايو يوم إجازة رسمية، وكانت مناسبة للتعبير في تظاهرات ومسيرات عن مواقف تتعلق بقضايا سياسية واجتماعية، من قبيل مسيرة دعم حقوق العمال الذين لا يحملون وثائق في الولايات المتحدة، ورفض استمرار الحرب في العراق، والاحتجاج على حالة الاقتصاد الأميركي وعدم المساواة الاقتصادية كما حصل في الأول من مايو 2012 عندما تم احتلال ساحة وول ستريت.
يوم 1 ماي يمكن أن يشير إلى العديد من الاحتفالات العمالية المختلفة التي أدت إلى الأول من مايو كذكرى لإحياء النضال من أجل الثمان ساعات في اليوم. وفي هذا الصدد يسمى الأول من ماي بالعطلة الدولية لعيد العمال، أو عيد العمال. 
وكما سبقت الإشارة الى ذلك، فقد بدأت فكرة يوم العمال في أستراليا، عام 1856. ومع انتشار الفكرة في جميع أنحاء العالم، تم اختيار الأول من ماي ليصبح ذكرى للاحتفال بحلول الذكرى الدولية الثانية للأشخاص المشتركين في قضية هايماركت 1886.
  قضية هايماركت وقعت نتيجة للأضراب العام في كل من شيكاغو، إلينوى، والولايات المتحدة التي شارك فيها عموم العمال، والحرفيين والتجار والمهاجرين. في أعقاب الحادث الذي فتحت فيه الشرطة النار على أربعة من المضربين فتم قتلهم في شركة ماكورميك للحصاد الزراعي، وتجمع حشد كبير من الناس في اليوم الموالي في ساحة هايماركت. وظل الحدث سلمياً إلى أن تدخلت الشرطة لفض الاحتشاد، فألقى مجهول قنبلة وسط حشد الشرطة. وأدى انفجار القنبلة وتدخل شرطة مكافحة الشغب إلى وفاة ما لا يقل عن إثني عشر شخصاً بينهم سبعة من رجال الشرطة. وتلى ذلك محاكمة مثيرة للجدل، حيث تمت محاكمة ثمانية من المدعى بسبب معتقداتهم السياسية، وليس بالضرورة عن أي تورط في التفجير. أدت المحاكمة في نهاية المطاف إلى إعدام جماعي لسبعة من الفوضويين.  
حادث هايماركت كان مصدرا للغضب للناس في أرجاء العالم. في السنوات التالية، ظلت ذكرى «شهداء هايماركت» في الذاكرة ضمن العديد من الإجراءات والمظاهرات الخاصة بالأول من ماي. واليوم أصبح الأول من ماي احتفالاً دولياً بالإنجازات الاجتماعية والاقتصادية للحركة العمالية. وعلى الرغم من أن الأول من ماي، هو يوم تلقى وحيه من الولايات المتحدة، فإن الكونغرس الأميركي قد خصص الأول من ماي كيوم للوفاء عام 1958، نظراً للتقدير الذي حظي به هذا اليوم من قبل الاتحاد السوفياتي. وفي كثير من الأحيان يتخذ الناس هذا اليوم كيوم للاحتجاج السياسي، مثل احتجاج مليون شخص في فرنسا وتظاهرهم ضد مرشح اليمين المتطرف جان ماري لوبان، أو كيوم للاحتجاج على بعض الإجراءات الحكومية، مثل مسيرات الدعم للعمال الذين لا يحملون وثائق في جميع أنحاء الولايات المتحدة.
أمريكا
وفقاً للتقاليد، يتم الاحتفال بعيد العمال من قبل معظم الأميركيين، كرمز لبداية فصل الصيف. وتعد العطلة غالباً كيوم للراحة والمسيرات أو المواكب، والخطب أو المظاهرات السياسية هي أكثر خضوعاً للقيود عن الاحتفالات بالأول من ماي كعيد للعمال في معظم البلدان، وعلى الرغم من أن الأحداث يتم تنظيمها من قبل منظمات العمال، إلا أن في كثير من الأحيان يتم عرض مواضيع سياسية من قبل المرشحين للمناصب، وبخاصة في السنوات الانتخابية. 
هذا، وتتضمن أشكال الاحتفال نزهات، وحفلات الشواء، وعروض الألعاب النارية، والرياضات المائية، والفعاليات الفنية العامة. وتعتبر الأسر التي لديها أطفال في سن المدرسة تلك العطلة بمثابة الفرصة الأخيرة للسفر قبل بداية العطلة الصيفية. وبالمثل، فإن بعض المراهقين، والبالغين من الشباب يرون أن تلك هي العطلة الاسبوعية الأخيرة قبل العودة إلى المدرسة. ومع ذلك، فإن مواعيد بدء الدراسة تتفاوت تفاوتاً كبيراً، ففى الرابع والعشرين من يوليو تبدأ الدراسة في المناطق الحضرية مثل اتلانتا، وميامي، ولوس انجلوس. بالإضافة الى كل ذلك، فإن عيد العمال يصادف بداية مواسم دورى كرة القدم القومى ودوري الجامعات. وعادة ما يلعب الاتحاد الرياضى القومى أولى مبارياته في الاسبوع الذي يسبق عيد العمال، ويلعب اتحاد كرة القدم الأميركي مباراته الأولى يوم الخميس الذي يلى عيد العمال.
يعد يوم فاتح ماي إجازة رسمية في كل من مصر، العراق، البحرين، ألبانيا، أرمينيا، الأرجنتين، الجزائر، أروبا، النمسا، بنغلادش، بيلاروسيا، بلجيكا، بوليفيا، البوسنة، البرازيل، بلغاريا، الكاميرون، تشيلي، تونس، كولومبيا، كوستاريكا، الصين، كرواتيا، كوبا، فلسطين، قبرص، جمهورية التشيك، جمهورية الدومينيك، الإكوادور، السلفادور، فرنسا، ألمانيا، اليونان، غواتيمالا، هايتي، هندوراس، هونغ كونغ، هنغاريا، آيسلندا، الهند، إيطاليا، إسرائيل، ساحل العاج، الأردن، كينيا، لاتفيا، ليبيا، لتوانيا، لبنان، لوكسمبورغ، ليبيا، مقدونيا، ماليزيا، مالطا، موريشوس، المكسيك، المغرب، موريتانيا، ميانمار، نيبال، نيجيريا، كوريا الشمالية، النرويج، باكستان، بنما، الباراغواي، بيرو، بولندا، الفلبين، البرتغال، رومانيا، روسيا، سنغافورة، سلوفاكيا، سلوفينيا، كوريا الجنوبية، جنوب أفريقيا، إسبانيا، سريلانكا، صربيا، السويد، سوريا، تايلاند، تركيا، أوكرانيا، اليمن، الأوروغواي، فنزويلا، فيتنام، زامبيا، زيمبابوي،  بينما لا تحتفل به ولا تعتبره عطلة رسمية دول مثل السعودية وعُمان وأفغانستان وغيرها.

 



تعليقات الزوّار

الآراء الواردة في التعليقات تعبر عن آراء أصحابها وليس عن رأي سكوبريس

اترك تعليقا

إقرأ أيضا