تأثير الضحك على صحة الانسان وسلوكياته

تأثير الضحك على صحة الانسان وسلوكياته
محمد صالح اكليم 05 يونيو 2023

يعرف عالم الأعصاب السلوكي وباحث الضحك روبرت بروفين الضحك بأنه نوع تلقائي سريع من السلوك الإنساني. وهو عبارة عن مجموعة من الإيماءات والأصوات تحدث في وقت واحد بفعل الدماغ.
وتشير الدراسات الحديثة إلى أن الضحك يعمل على تحفيز عدة مناطق من الدماغ، مثل القشرة الحركية التي تتحكم في العضلات، إضافة إلى المنطقة التي تعرف بـ "الفص الجبهي" وتساعد على إدراك السياق الذي يوجد فيه الإنسان. فضلا عن ذلك، يؤدي الضحك إلى تحفيز ما يعرف بـ "الجهاز الحوفي"، وهو مهم جدا في ضبط المشاعر الإيجابية لدى الشخص.
كما تتقلص 15 عضلة من عضلات الوجه ويحدث تحفيز للعضلة في الشفاه العليا، ويضطرب الجهاز التنفسي بسبب إغلاق لسان المزمار نصف الحنجرة، بحيث يحدث دخول الهواء بشكل غير منتظم، مما يجعل الضاحك يلهث.
وفي الحالة القصوى يتم تنشيط القنوات الدمعية، بحيث يصبح الوجه رطبا وغالبا ما يكون أحمر اللون أثناء فتح الفم وإغلاقه واستمرار محاولة الحصول على الأكسجين، وتتراوح الضوضاء التي تصاحب هذا السلوك بين بسيطة وصاخبة، وتوصف بالضحك الخفيف أو القهقهة الصاخبة.
لماذا نضحك؟
يضحك الناس من مختلف الثقافات على الرغم من أنهم قد يضحكون على أشياء مختلفة، وبحسب "ساينتيفيك أميركان" قد تكون للضحك أسباب معينة، منها:
1/ إشارة للتواصل مع شخص ما.
2/ طلب بقاء شخص ما.
3/ مجاملة الغرباء.
4/ توثيق علاقات الصداقة واستمراريتها.
5/ اختصار خطوات التعارف، إذ يوفر الضحك خطوة إلى الأمام عند تكوين علاقات شخصية.
يظهر الضحك العفوي في الأشهر القليلة الأولى من الحياة حتى عند الأطفال الصم أو المكفوفين، ومع ذلك لا يعد الضحك سلوكا بشريا فقط، بل إنه موجود بشكل مشابه في الحيوانات، وتحديدا القردة.
ويبدو أنه ظهر في الأساس لخلق وتعميق الروابط الاجتماعية، عندما بدأ أسلافنا يعيشون في هياكل اجتماعية أكبر وأكثر تعقيدا حينها أصبحت جودة العلاقات حاسمة للبقاء على قيد الحياة وفقا لـ"ذا كونفرزيشن.
وربما نشأ الضحك في الأساس من صعوبة التنفس أثناء اللعب مثل الدغدغة، والتي كانت شائعة بين الثدييات الصغيرة.
كان الضحك تعبيرا عن الإثارة المشتركة التي تتم تجربتها من خلال اللعب، وساهم بالفعل في تقوية الروابط الاجتماعية بين القرود وكذلك الأطفال الرضع. وتطور الضحك مع القدرة على الكلام، فكان مرتبطا في السابق بما نشعر به فقط أو حين يثار الجسد بطريقة إيجابية كالدغدغة. ومع القدرة على النطق وتطوير اللغة والتحكم الصوتي أصبح الضحك أكثر سهولة باستخدام الكلمات، لكنه ظل محتفظا بوظيفته في تقوية العلاقات الاجتماعية.
أنواع الضحك
ليس كل الضحك إيجابيا، فقد يكون سلبيا أو نفعيا، وطبقا لـ"ساينس" (Science) هناك أنواع مختلفة من الضحك، منها:
يميل كثير من الأشخاص إلى الضحك مع أي شخص يمكنه المساعدة، سواء مع المدير في العمل من أجل الحصول على ترقية، أو عند التقديم على وظيفة.
1/ الضحك المُعدي
الضحك المعدي سلوك مشابه لكثير من السلوكيات الأخرى غير المعروف سببها، مثل التثاؤب، فحين يبدأ شخص ما بالتثاؤب ينتقل الأمر إلى الآخرين، وكذلك الضحك.
2/ الضحك العصبي
يرتبط ذلك النوع من الضحك بالأوقات العصيبة التي يزداد فيها القلق والتوتر، مثل الموت أو الرسوب في الامتحان، ويحدث الضحك العصبي في محاولة لاشعورية لتقليل التوتر والهدوء، ولا يمكن السيطرة عليه ويتحول إلى بكاء.
3/ الضحك البطني
من أكثر أنواع الضحك صدقا، وحين يكون نابعا من الأعماق مع صحبة حقيقية لا يمكن التوقف قبل أن يمسك الشخص بطنه من كثرة الضحك ويلهث بحثا عن الهواء.
4/ الضحك القاسي
يمكن أن يكون الضحك قاسيا ويمارسه الكثيرون بغرض السخرية أو الاستهزاء من الآخرين والذي يرتبط عادة بسلوك التنمر، ويترك أثرا سلبيا في نفس المتلقي.
هناك مزايا متعددة للضحك نفسيا وجسديا وعاطفيا وفقا لمنظمة "هيلب غايد، منها:
أ - راحة الجسد
تخفف الضحكة الجيدة التوتر الجسدي والإجهاد، وتترك عضلات الجسم مسترخية لمدة تصل إلى 45 دقيقة، الضحك يقوي جهاز المناعة، حيث يقلل هرمونات التوتر ويزيد الخلايا المناعية والأجسام المضادة لمكافحة العدوى، وبالتالي يحسن مقاومة الجسم للأمراض.
والضحك يحمي القلب، حيث يحسن وظيفة الأوعية الدموية ويزيد تدفق الدم، مما يساعد على الحماية من النوبات القلبية ومشاكل القلب والأوعية الدموية الأخرى، وأيضا يحرق السعرات الحرارية، حيث إن الضحك لمدة 10 إلى 15 دقيقة يوميا يمكن أن يحرق ما يقارب 40 سعرا حراريا.
ب - تحسين الصحة النفسية
الضحك يوقف المشاعر المؤلمة، لا يمكن الشعور بالقلق أو الغضب أو الحزن عند الضحك، فهو يساعد على الاسترخاء وتحسين المزاج، حيث يقلل التوتر ويزيد الطاقة، مما يتيح الاستمرار في التركيز وإنجاز المزيد.
ج - تعزيز الترابط الاجتماعي
مشاركة الضحك مع الآخرين تقوي العلاقات معهم وتسهل جذبهم وإنشاء علاقات اجتماعية وتعزز العمل الجماعي، حيث تخلق مساحات من الألفة.
العلاج بالضحك
يساعد الضحك على تحسين الصحة النفسية، وهو ما ألهم العلماء لاستخدامه من أجل علاج الاكتئاب وأثبت فعالية كبيرة وفقا لدراسة منشورة في مجلة "الأكاديمية الكورية للتمريض".
وقد أجرى الباحثون الدراسة لفحص كيفية تأثير علاج الضحك على مستويات السيروتونين والاكتئاب لدى النساء في منتصف العمر.
ووجدت الدراسة أن تنشيط السيروتونين -وهو أحد أهم النواقل العصبية الكيميائية التي تستخدمها خلايا الدماغ للتواصل فيما بينها من خلال الضحك- قد ساعد النساء في تقليل الاكتئاب والسيطرة عليه.
وعن آخر الدراسات حول الضحك وفوائده، فقد كشف البروفيسور الروسي غيورغي كوستيوك، كبير الأطباء النفسيين في موسكو، أن ساعة من الضحك يمكن أن تساعد في حرق ما يصل إلى 350 سعرة حرارية، حيث أن الضحك ينشط حوالي 80 عضلة في جسم الإنسان.
وأضاف كوستيوك، أن الضحك يؤدي إلى تغير نوع التنفس وزيادة استقلاب الأوكسجين في المخ والأعضاء والأنسجة واختفاء الازدحام في الرئتين. وتدل الدراسات الطبية الدولية على أن الأشخاص المتفائلين أقل عرضة للإصابة بالأمراض الفيروسية. ويهتم هؤلاء الأشخاص أكثر بصحتهم ويتبعون أسلوب حياة نشطا ويتخلون عن العادات السيئة، مما يجعلهم أكثر مقاومة للأمراض المختلفة.
وتابع: "تابعت المرضى المتعافين من الإصابات والعمليات الجراحية، ولاحظت شخصيا أن إعادة تأهيل الأشخاص ذوي التفكير الإيجابي تجري أسرع بكثير ويتحملون الألم بسهولة أكبر من المتشائمين.
وأوضح أنه يتم في جسم المتفائلين إفراز السيروتونين وهو هرمون الفرح الذي يعد مسكنا طبيعيا للآلام. أما المتشائمون فيهيمن عليهم الكورتيزول وهو هرمون الإجهاد القادر على زيادة الألم وإثارة تطور الأمراض.

 



تعليقات الزوّار

الآراء الواردة في التعليقات تعبر عن آراء أصحابها وليس عن رأي سكوبريس

اترك تعليقا

إقرأ أيضا