البوليساريو والإرهاب بين واشنطن والسمارة

بعد أقل من 24 ساعة على إعلان السيناتور الجمهوري جو ويلسون عن تقديم مشروع قانون أمام لجنة الشؤون الخارجية في الكونغرس الأمريكي، يهدف إلى تصنيف ميليشيا "البوليساريو" منظمة إرهابية على غرار "حزب الله"، أقدمت الجبهة الانفصالية، في خطوة متهورة تفتقر لأي تقدير سياسي أو عسكري، على تنفيذ هجوم صاروخي محدود استهدف محيط مدينة السمارة الواقعة غرب الجدار الأمني بالصحراء المغربية.
ورغم أن مشروع القانون لا يزال في طوره الأول، حيث يُنتظر أن يخوض المسار التشريعي بين مجلسي الكونغرس والنواب خلال الأيام المقبلة، فإن "البوليساريو" سارعت إلى تنفيذ هذه المغامرة الفاشلة، التي تعكس حالة من الارتباك والتخبط في التعامل مع التطورات السياسية المتلاحقة.
وبحسب المعطيات الميدانية، فقد أطلقت عناصر الجبهة ما بين أربع وخمس قذائف بدائية الصنع، سقطت جميعها في منطقة غير مأهولة خارج النطاق الحضري، دون أن تُسفر عن أي خسائر بشرية أو مادية، او تشكل أي تهديد حقيقي. وقد تدخلت طائرة بدون طيار تابعة لسلاح الجو المغربي، وقامت بتحييد موفع منفّذي الهجوم أثناء محاولتهم الفرار باتجاه قواعدهم الخلفية داخل الأراضي الجزائرية.
وتعكس هذه الخطوة، التي طُبعت بسذاجة عملياتية وانفصال واضح عن الواقع الجيوسياسي الإقليمي والدولي، محاولة بائسة من الجبهة الانفصالية لإثبات وجودها الميداني في لحظة حرجة، تتجه فيها الأنظار نحو واشنطن، حيث يلوح في الأفق توجه سياسي متزايد نحو تسوية نهائية لقضية الصحراء.
ويبدو أن صناع القرار في العاصمة الأمريكية باتوا أكثر ميلاً إلى التعامل مع "البوليساريو" كتنظيم مسلح بتوجه شيوعي متجاوز، له ارتباطات تاريخية بشبكات وتنظيمات راديكالية سبق أن أُدرجت ضمن لوائح الإرهاب، وهو ما يعزز من فرص تصنيفها رسميًا في خانة الجماعات الإرهابية من قبل الإدارة الأمريكية.
غير أن هذا التصنيف – في حال إقراره – لا يعني بالضرورة إنهاء الوجود المادي للجبهة، بالنظر إلى تمركزها داخل التراب الجزائري، بل يهدف بالأساس إلى محاصرة تحركاتها على الصعيد الدولي، وتجفيف منابع الدعم السياسي والمالي الموجه لها، لا سيما على مستوى المنظمات الدولية، حيث سيُمنع قادتها من دخول التراب الأمريكي للمشاركة في جلسات الأمم المتحدة، حتى وإن حملوا جوازات سفر دبلوماسية جزائرية.
تعليقات الزوّار
الآراء الواردة في التعليقات تعبر عن آراء أصحابها وليس عن رأي سكوبريس