وداعا طلال سلمان برحيلك تفقد الساحة الصحفية العربية أحد أقلامها الحرة

فقدت الساحة الاعلامية والصحفية العربية واللبنانية، أحد روادها المميزين واقلامها الحرة، الصحفي طلال سلمان مؤسس ومدير نشر صحيفة السفير، الذي وافاه الاجل المحتوم عن عمر ناهز ال 85 عاماً، أمس الجمعة 25 غشت الجاري، بمستشفى الجامعة الأميركيّة، بعد صراع مرير مع المرض.
وُلد طلال سلمان في بلدة شمسطار عام 1938. والده إبراهيم أسعد سلمان. ووالدته فهدة الأتات، تزوّج عام 1967 من عفاف محمود الأسعد، من بلدة الزراريّة في جنوب لبنان، ورزقا اربعة أبناء هم: هنادي، ربيعة، أحمد، وعلي.
أصدر الراحل في 26 مارس 1974 جريدة "السفير" في بيروت، وهي يوميّة سياسيّة مستقلّة – حملت شعار "جريدة لبنان في الوطن العربيّ وجريدة الوطن العربيّ في لبنان"، وشعاراً مواكباً برسم الكثرة الغالبة "صوت الذين لا صوت لهم"، فشكّل منذ عقود مرجعيّة إعلاميّة في الشؤون العربيّة واللبنانيّة تحظى بالتقدير، وبالتأثير في الرأي العامّ.
بدأ طلال سلمان مسيرته في مهنة المتاعب، نهاية الخمسينات من القرن الماضي لـ "واحد من متخرّجي بيروت عاصمة العروبة"، كما يصف نفسه في سيرته، استهلّها مُصحّحاً في جريدة "النضال"، فمخبراً صحافيّاً في جريدة "الشرق"، ثمّ محرّراً فسكرتيراً للتحرير في مجلّة "الحوادث"، فمديراً للتحرير في مجلّة "الأحد". وفي خريف العام 1962 ذهب إلى الكويت ليصدر مجلّة "دنيا العروبة" عن "دار الرأي العامّ" لصاحبها عبد العزيز المساعيد، لكنّ الرحلة لم تطل لأكثر من ستّة أشهر، عاد بعدها إلى بيروت ليعمل مديراً لتحرير مجلّة "الصيّاد" ومحرّراً في مجلة "الحرّية"، حتّى تفرّغ لإصدار "السفير" في 26 مارس 1974، الذي كان يكتب افتتاحيّاتها بعنوان "على الطريق"، وكان عضواً في مجلس نقابة الصحافة اللبنانيّة منذ العام 1976 حتّى العام 2015. اشتهر أيضاً بحواراته مع غالبيّة الرؤساء والقادة والمسؤولين العرب.
تتميّز شخصيّة الراحل كإعلاميّ بمزيج من رهافة الوجدان السياسيّ والصلابة في الموقف، ما عرّضه إلى ضغوط متزايدة بلغت أوجها في نجاته في 14 يوليو 1984 من محاولة اغتيال أمام منزله في رأس بيروت فجراً، تركت ندوباً في وجهه وصدره. وكانت سبقتها محاولات لتفجير منزله، وكذلك عمليّة تفجير لمطابع "السفير" في الأوّل من نوفمبر 1980.
حاز الراجل على جائزة الديبلوماسيّ والمستشرق الروسيّ فيكتور بوسوفاليوك الدوليّة المخصّصة لأفضل نقل صحافيّ روسيّ وأجنبيّ للأحداث في الشرق الأوسط. وتسلّم الجائزة في 7-11-2000. وفي سنة 2004، في الذكرى الثلاثين لإصدار "السفير" كرّمته المؤسّسات الثقافيّة والنوادي في أنحاء لبنان كلّه، كما اختاره منتدى دبي الإعلاميّ "شخصيّة العام الإعلاميّة" لسنة 2009. وفي 7ماي 2010 منحته كليّة الإعلام في الجامعة اللبنانيّة درجة الدكتوراه الفخريّة تقديراً لدوره المتفرّد في الصحافة والإعلام والأدب الصحافيّ.
في الرابع من يناير 2017، اختار طلال سلمان بملء إرادته إطفاء شمعة "السفير"، وأراد أن تكون افتتاحيّة العدد العشرين قبل 43 سنة، هي افتتاحيّة العدد الأخير "لعلّها تكون أطيب تحيّة وداع"، وجاء فيها: "يحقّ لنا أن نلتقط أنفاسنا لنقول ببساطة وباختصار وبصدق: شكراً".
منذ يناير 2017، حتّى العام 2022، ظلّ طلال سلمان مواظباً على كتابة "على الطريق" في الموقع الذي حمل وما يزال اسمه: طلال سلمان (https://talalsalman.com). هذا الموقع كان أيضاً منبراً أطلّ من خلاله عدد كبير من أصدقاء "السفير" وطلال سلمان، من لبنان والعالم العربيّ.
للفقيد الراحل طلال سلمان عدة مؤلّفات منها:
- مع فتح والفدائيّين (دار العودة 1969).
- ثرثرة فوق بحيرة ليمان (1984).
- إلى أميرة اسمها بيروت (1985).
- حجر يثقب ليل الهزيمة (1992).
- الهزيمة ليست قدراً (1995).
- على الطريق... عن الديمقراطيّة والعروبة والإسلام (2000).
- هوامش في الثقافة والأدب (2001).
- سقوط النظام العربيّ من فلسطين إلى العراق (2004).
- هوامش في الثقافة والأدب والحبّ (2009).
- لبنان العرب والعروبة (2009).
- كتابة على جدار الصحافة (2012).
- مع الشروق (2012).
- هوامش في الثقافة والأدب والحبّ (2014).
- مع الشروق (2014).
وبهذه المناسبة الأليمة تتقدم الهيئة الوطنية لناشري الصحف بالمغرب بخالص عبارات التعازي الى اسرة الفقيد طلال سلمان الكبيرة والصغيرة متضرعة الى العلي القدير ان يسكنه جنة الرضوان.
تعليقات الزوّار
الآراء الواردة في التعليقات تعبر عن آراء أصحابها وليس عن رأي سكوبريس