العين الزرقاء - خاطرة تأمل من وحي الطبيعة

ولأن في الجنوب مشكلة ندرة ماء وما دام الصيف حر وقيظ ، حولت وجهة سفري للشمال بحثا عن عيون تغذي روحي وتبهج نفسي .عرجت مسيري بين عدة محطات شواطئ علي أجد راحتي وأجدد نشاطي لكن يبدو أن جسمي يرفض المياه الأجة ولا يقبل سوى العذبة الصافية النظرة الرقراقة.
واصلت البحث في مدينة تطوان إلى إن إهتديت لقبلتي ولم تكن سوى العين الزرقاء محطتي،عين طبيعية جبلية تشرف على مدينة تطوان يقصدها هواة المناظر الخلابة، أصدقاء ورفاق البيئة،مناصرو السلام الأخضر كما يلقبونهم.
منعرجات وطرق ملتوية توصلك لمنبع العين وسط مروج خضراء وأشجار باسقة وأودية منحنية تسقي نبات الدفلى لتزدهر وتينع وسط الشعاب تارة تطل بلون وردي زاهي، وتارة بلون أبيض شقشاق.
يجاورها نبات القصب متطاولا جاردا قوامه متعاليا يتحدى الانحناء يأبى إلا أن يفرض نفسه يغدي الأوصال. يخالطهما وتنعش لوحاتهما أصناف أشجار جبلية، تمسك التربة كما تمسك الإنسان بنبتة أصله. يترجمها سكنا محليا يغرسه على حواف المنحدرات
الوعرة وتلكم خاصية سكان القرى الجبلية.
يرتبطون بها ولا يغادرونها بحثا عن العيش السهل.
ما إن تحط بنا السيارة الرحل حتى نمتزج وسط مسالك شلالات وأحواض ماء امتلأت عن آخرها بالماء الفياض المسترسل دفقا وخفقانا.يبعث لنا رسالة أن الشمال المغربي خزان ماء لا ينضب حتى ولو اشتد الجفاف على جنوبنا.
نعمة زار وحج إليها زوار كثر من مختلف بقاع المغرب وخارجه يبايعون ولاءهم للطبيعة رغم إغراءات البحر وشواطئه الجميلة.
يرفضون زرقة البحار ويستبدلونها حبا لمياه السيل الدافق وسط الصخور ومجاري العين الزرقاء الطبيعية.
صورة المناظر هنا بأناسها ورواجها ومرتاديها تذكرني بمنطقة اوريكا بنواحي مراكش الحمراء.
ظلات وألوان كراسي مختلفة تزين المقام وتحوله إلى لوحات جلسات تجمعات بشرية وكأنها باقات ورود وازهار رياحين .
ما ألطف الطبيعة وما أرحمها بالعباد ،تسقيه، وتغذيه، وتداوي أسقامه واختلالته،وتنشط دورته الطبيعية في الوجود.
تعليقات الزوّار
الآراء الواردة في التعليقات تعبر عن آراء أصحابها وليس عن رأي سكوبريس