حدث في مثل هذا اليوم / الحكم بإعدام الفيلسوف اليوناني سقراط

ولد الفيلسوف يوناني سقراط في عام 470 قبل الميلاد في مدينة أثينا وتوفي عام 399 قبل الميلاد.
تمكن سقراط من التأثير بشكل كبير على الفلسفة القديمة والحديثة بأساليبه وفكره ومنهجه في الحياة، واكتسب شهرة واسعة وكان شخصية مثيرة للجدل في مسقط رأسه أثينا، وعلى الرغم من عدم كتابة سقراط لأيّ شيء، إلّا أنّه كان يصور بكونه شخصية ذات بصيرة عظيمة ونزاهة وإتقان للذات ومهارة جدلية داخل مناقشات مؤلفة من مجموعة صغيرة من معجبيه، ومن بين هؤلاء المعجبين أفلاطون وزينوفون.
حُكم على سقراط بالإعدام بالتسمم بتهمة الإلحاد وهو في سن السبعين. على عكس العديد من المفكّرين في عصره فلم يسافر سقراط إلى مدن أخرى من أجل متابعة اهتماماته الفكرية، وبعد وفاة سقراط حافظ العديد من الأعضاء الممثلين لمحادثاته ومناقشاته على مدحه والثناء عليه من خلال كتابة أعمال تمثله في أكثر المحادثات تميزًا، ومن أهم من سجل هذه المحادثات أنتيسثين وآيشينيس وفايدو وإقليدس، والتي لم يتبقى سوى بقايا قليلة من المحادثات التي كتبها هؤلاء التلاميذ، ولكن لا زالت محادثاته التي كتبها أفلاطون وزينوفون متواجدة في مجملها، ومن هنا يمكن القول بأنّه تم التعرف على سقراط.
سمي أسلوب سقراط باسم الأسلوب السقراطي، والذي قام سقراط بتدريسه للطلاب بطرح سؤال بعد سؤال، حيث كان يهدف سقراط باستخدام هذا الأسلوب إلى كشف التناقضات في أفكار الطلاب لتوجيههم إلى استنتاجات قوية، ويهدف هذا الأسلوب بشكل مباشر أو غير مباشر إلى استخدام التفكير الناقد والمنطق للوصول إلى الحقائق، ويتضمن هذا الأسلوب العثور على ثقوب وأخطاء في النظرية المطروحة ومن ثم تصحيحها.
يتم استخدام الأسلوب السقراطي في التعليم الحالي في بعض المؤسسات التعليمية، ونتيجةً لهذا الأسلوب يمكن تعزيز المعرفة عند الطلاب من خلال التفكير الناقد تحت ضغط أسئلة متتالية يتم طرحها حول النظرية، ويساعد هذا الأسلوب أيضًا في إنتاج جو مدرسي حيوي وفكري عند قيام المدرس به بشكل صحيح.
حملت قصة موت سقراط في طيّاتها كثيرًا من العبر والمواقف المؤثّرة التي استحقّت التخليد في ثنايا الكتب والأفكار، فقد شغلت الفكر الفلسفي في اليونان وأوروبا والعالم كله المهتم بهذه الفلسفة، وكانت قصة موته كما يأتي: نقد سقراط للمجتمع والديمقراطية كيف كان سقراط يرى نفسه؟ لقد كان سقراط يعتقد في قرارة نفسه أنّه رسول من الآلهة لكي يهدي الناس، فكان يصدع بآرائه أمام الناس ويناقش دعاة الحكمة ويعرّيهم ويثبت للناس أنّهم ليسوا بحكماء وإنّما أدعياء للحكمة لا أكثر، فنقم عليه أولئك الناس بعدما رأوا الشبان ينصرفون من حولهم ويتحلّقون حول سقراط، وكان كثير منهم ممّن لهم صلات برجالات الدولة والمجتمع الذي يحكم أثينا آنذاك. كما كان سقراط ينتقد الديمقراطية التي كان لها الحكم في أثينا، ويهاجمها هجومًا عنيفًا أشدّ من الهجوم الذي قد شنّته عليها الأرستقراطية، فلم تكد الديمقراطية تطوي صفحة الأرستقراطية حتى جاءها هجوم سقراط العنيف، فنقم عليه أنصارها وحسبوه على السفسطائيين وحاربوه.
لقد تقدّم بدعوى للمحكمة ثلاثة من أعداء سقراط هم: مليتس، وأنيتس، وليكون، وهؤلاء الثلاثة كانوا واجهة للشعب المتعالم والمدعي للحكمة الذي هزمه سقراط، وكذلك واجهة لدعاة الديمقراطية، فتقدموا بتهم شتى من مثل أنّ سقراط يزعزع استقرار المجتمع وأنّه يسخر من العادات والأعراف والقوانين، وكان المعروف حينها أن يقف المتهم أمام القضاة خانعًا ذليلًا يطلب العفو والرحمة، وقد يحضر زوجته وأبناءه ليثير شفقة القاضي عليه، ولكنّ سقراط لم يكن كذلك، بل وقف ودافع عن نفسه لأنّه رأى في أفعال غيره منافاة للرجولة والأخلاق التي يدافع عنها بشدة. وعندما رأى القضاة أنّ سقراط لم يتذلّل بل وقف ودافع عن نفسه بكل جرأة، صار عندهم قناعة أنّ سقراط هذا كما قيل عنه يهاجم العادات والأعراف لأنّه لم يفعل ما فعله غيره من خضوع وتذلّل، وفوق ذلك لم ينفِ سقراط التهم الموجهة إليه، بل صار يهاجم القضاة ويسخر منهم ويشفق على جهلهم، فطلب أعداء سقراط أن يُعدم، وكانت العادة أنّه إن ثبتت التهمة على المتهم فإنّه يجب أن يقترح عقوبة ويقترح خصومه عقوبة والقضاء يختار منها، فلمّا طلبوا من سقراط أن يختار عقوبة سخر منهم، فحكموا عليه بالإعدام بأن يحتسي السم. سجن سقراط لماذا رفض سقراط الهروب من السجن؟ حكم على سقراط بالموت بتناول سم الشوكران، وبقي في السجن مدة لا بأس بها من الزمن، وقد حاول تلامذته -كما يروي تلميذه أفلاطون- أن يقنعوه بأن يهرب من السجن كما هرب حكيم آخر من قبل، ولكنّه رفض الفكرة لأنّها تخالف مبادئه في اتباع القوانين السائدة ولو كانت ظالمة، وفي ذلك ردّ على الذين قالوا إنّ سقراط ثائر على الأعراف والتقاليد والقوانين، وبقي في محبسه وأبعد نساءه وأبناءه عن السجن لئلّا يجزعوا ويحدثوا جلبة، فجاءه الحارس بقدح من السم وشربه سقراط، وبعد مدة من الزمن لم يعد يشعر بأجزاء جسمه شيئًا فشيئًا حتى مات.
تعليقات الزوّار
الآراء الواردة في التعليقات تعبر عن آراء أصحابها وليس عن رأي سكوبريس