تنمو المدن ولا تموت

تنمو المدن ولا تموت
ذ- حسن الوافي 29 سبتمبر 2022

  مدن بلادي حال أحوال موقعها، مكانتها، تاريخها، وإرادة أهلها، ومسيريها. لنا قديما في التضاريس أسباب للنشأة ولنا في التاريخ نصوص دليل حظوتها ولنا في الحاضر برهان وصفها ونعتها إما ب:
1- المدن المحظوظة وهي المدن المركزية الإستراتيجية حيث مختبر صناعة المال بمشاريع الصناعة والتجارة والسياحة.
2- المدن الواعدة وهي المدن المتوسطة السائرة في ركب التنمية التي تخطو خطوا للأمام بفضل عزيمة وإصرار ولاتها وعمدائها ورجال أعمالها وغيرة أهلها.
3- المدن الحية وهي المدن القديمة ذات الإمتداد التاريخي والإرث الإنساني. لعبت في تاريخها دورا أملته ظروف البلاد السياسية وانتهت قصتها مع دواعي التأسيس والنشأة والإزدهار لتضرب لها موعدا مع تاريخ حالي معاصر تحيى فيه لتعيش وتستمر حية في الوجود دون أمل في التغيير والنهوض.
4 -مدن الهامش او المدن السفلى وهي مجموعة مدن همشت وأقصيت وانحط مستواها لتدرك الدرك الأسفل الذي بوأها قيمة هامش مقارنة مع المركز. وهو إشكال عالجته العديد من الكتب التاريخية والجغرافية وحللت عوامله، ودققت في أسباب توتر علاقة نواة المركز بتبعية الهامش. 
في تاريخ بلادنا الحديث، لبعض المدن الكبرى ازدهرت أحياء النشأة الأولى وعمرت رخاء، وتطورا، ونمت نموا مضطردا، وشكلت نواة المدينة لتتبوأ مكانة المركز حتى صار يضرب بها المثال في النظافة، ورونق المكان، وحسن الإستقبال، مع شروط لباقة الآداب ولطف الكلام وحسن التواصل، هذا مع ضرورة التزين بلباس الهندام الجميل عنوان التقدم ورمز الرقي والإندماج .
لكن ومع تقدم السنين ونظرا لحالات الجفاف في البوادي المغربية وظهور المجاعة والأمراض ونظرا لحاجة الصناعة لأيدي العاملة الرخيصة إظطرت الكثير من الأسر إلى الهجرة للمدن الكبرى والإقتصار على مجاورتها والعيش في هوامش جانبية،يسيرة الحياة. لتتناسل ويتكاثر أصحابها بشكل مهول الأمر الذي هيأ الظروف المناسبة لنشأة هوامش مدن سفلى. ستؤثر في مستوى عيش ساكنة المركز ولتختلط العلاقات وتتجادب بين الرفض والقبول. مما سينتج عنه سوء الجوار ودخول الطرفين في تناقض صارخ بين مركز مثال وهامش متأخر. ظاهرة إجتماعية معقدة قد تلاحظها وتعيش أطوارها وأنت جائل أو راكب في إحدى وسائل النقل تغيضك وتجعلك تحلم بالرجوع إلى الوراء لا الزيادة إلى الأمام لأن المستقبل ببساطة يخبئ لنا صورة بشعة عما ستكون عليها مدننا المستقبلية؛ مدن هجينة وليدة صرخات تناقض إجتماعي حاد  يجتمع فيه القبيح والجميل ليخرج إلى أرض الواقع مولود مشوه بصور معالم حضارية وقلب مدنية مريفة وجد متخلفة. 
توابع هذه الظاهرة الخطيرة في حياتنا أصبحت تنغص علينا سبل الحياة وأصبحت ترمي بنعمة الأمان إلى ضفة لا نعلم أين هي مادامت كل الأحياء والضواحي والمراكز أصبحت ملطخة بدماء الإجرام والإجرام المضاد. 

 



تعليقات الزوّار

الآراء الواردة في التعليقات تعبر عن آراء أصحابها وليس عن رأي سكوبريس

اترك تعليقا

إقرأ أيضا