استمرار مسلسل تصفية الحسابات في الجزائر

تواصل الطغمة الحاكمة والمتحكمة في قصر المرادية بالجزائر مسلسل تصفية الحسابات مع خصومهم حيث طالبت النيابة الجزائرية بالسجن 20 سنة في حق وزير الطاقة الأسبق شكيب خليل بتهم الفساد في فترة شغله هذا المنصب لأكثر من عشر سنوات في عهد الرئيس عبد العزيز بوتفليقة.
وطالبت النيابة العامة لدى محكمة القطب الجزائي بمحكمة سيدي أمحمد بالجزائر، أمس الثلاثاء 1 فبراير الجاري، ب 20 سنة سجنا نافذة مع أمر دولي بالقبض على وزير الطاقة والمناجم الجزائري الأسبق شكيب خليل بسبب " الخسائر التي لحقت بالخزينة العامة والبالغة 13 مليار دولار".
وتتابع النيابة العامة، التي طالبت بغرامة مليوني دينار (1 يورو = 159 دينارا) في حق الوزير الأسبق، المبحوث عنه بموجب مذكرة توقيف دولية صادرة بحقه سنة 2019، بجنحة تبديد أموال عمومية وسوء استغلال الوظيفة وإبرام صفقات عمومية مخالفة للقوانين المعمول بها ما تسبب في خسائر فادحة للمال العام.
كما طالبت بمصادرة الممتلكات العقارية المنقولة والأرصدة البنكية للوزير الأسبق للطاقة في عهد الراحل عبد العزيز بوتفليقة.
والتمس ممثل الحق العام في حق الرئيس المدير العام السابق لمجمع (سوناطراك)، محمد مزيان، ونائبه، عبد الحفيظ فيغولي، 10 سنوات حبسا نافذا ومليون دينار غرامة مالية.
وقد أضحى مجمع (سوناطراك) والخزينة العامة طرفين مدنيين في هذه القضية التي يحاكم فيها الرئيس المدير العام السابق للمجمع، محمد مزيان، إلى جانب العديد من كبار الأطر والمسؤولين بشركة النفط الجزائرية.
وأدت التحقيقات الواسعة في قضايا الفساد والمحسوبية التي انطلقت بعد استقالة الرئيس السابق عبد العزيز بوتفليقة في أبريل 2019، بضغط من الحركة الاحتجاجية الشعبية «الحراك»، الى سلسلة من المحاكمات التي ما تزال مفتوحة.
يرتبط شكيب خليل البالغ من العمر 80 سنة، بعلاقة صداقة قديمة تعود إلى سنوات الطفولة مع الرئيس السابق عبد العزيز بوتفليقة، فهما ينحدران من منطقة تلمسان غرب الجزائر، وعاشا طفولتهما لاجئين في مدينة وجدة المغربية أثناء حقبة الاستعمار الفرنسي، وفيما التحق بوتفليقة بصفوف ثورة التحرير، هاجر شكيب إلى أميركا من أجل الدراسة، ثم عمل هناك في شركة "شال" النفطية الأميركية لعدة سنوات، كما عمل بشركة كونوكو- فيليبس للبترول.
وفي عام 1971، عاد خليل إلى الجزائر، ليشتغل في عملاق النفط والغاز الجزائري "سوناطراك"، ويصبح بعدها مستشارا فنياً للرئيس الراحل هواري بومدين حتى وفاته، لينتقل بعدها للعمل في البنك الدولي، حتى تقاعده سنة 1999.
وعند عودته إلى الجزائر في فترة التسعينات، كان الوضع الاقتصادي في الجزائر يمرّ بأسوأ فتراته بحكم العشرية السوداء التي عاشتها البلاد آنذاك، عيّنه بوتفليقة في 26 ديسمبر 1999 وزيرا للطاقة والمناجم، فشهد القطاع في عهده توسعا كبيرا، فقد تعددت المجالات التي تنشط فيها شركة سوناطراك وتوسعت شراكاتها الاستثمارية في أفريقيا وأوروبا وأميركا.
نجاح شكيب خليل على رأس وزارة الطاقة في بلاده، أهّله لرئاسة منظمة الأوبك، التي قادها 8 سنوات وبالتحديد في الفترة ما بين 2001 إلى 2008، نجح خلالها في إرجاع الاستقرار لسوق النفط.
وفي بداية 2010، تفجّرت فضيحة كبيرة في شركة سوناطراك، اتهم خلالها شكيب خليل بتلقي رشاوي من شركة إيني الإيطالية مقابل تسهيلات في منح صفقات لهذه المجموعة الإيطالية، وهي الواقعة التي أسقطت أسهم خليل لدى الجزائريين بعدما كان ينظر إليه كواحد من أهم المسؤولين في الدولة و الأكثر هم كفاءة، ودفعته إلى التخلي عن منصبه ومغادرة البلاد إلى الولايات المتحدة الأميركية.
وفي علاقة بهذه القضيّة، أصدرت النيابة العامة الجزائرية في غشت من عام 2013، مذكرة توقيف دولية بحق شكيب خليل لاتهامه "بالفساد واستغلال السلطة والانتماء إلى شبكة إجرامية"، لكن النائب العام الذي أصدر المذكرة أقيل لاحقا.
وفي مارس 2016، عاد شكيب خليل للجزائر، بعدما قررت السلطات، وقف العمل بمذكرة التوقيف الدولية الصادرة بحقه، وقام صديقه بوتفليقة بحل مديرية الشرطة القضائية التابعة للمخابرات التي تولت عملية التحقيق في قضيّة سوناطراك، كما أنهيت مهام كل الضباط الذين كانت لهم صلة بالتحقيق.
وربط الجزائريون آنذاك عودته وتبييض السلطات لصورته، بإمكانية ترشحه للانتخابات الرئاسية عام 2019، لخلافة عبد العزيز بوتفليقة، باعتباره واحدا من المقربين من عائلته.
تعليقات الزوّار
الآراء الواردة في التعليقات تعبر عن آراء أصحابها وليس عن رأي سكوبريس