صورة قاتمة حول مستقبل السياحة تعيد ورززات 40 سنة إلى الوراء بعد 5 سنوات من الضياع

صورة قاتمة حول مستقبل السياحة تعيد ورززات 40 سنة إلى الوراء بعد 5 سنوات من الضياع
الزوبير بوحوت 05 يناير 2023

بعد عامين من الركود بسبب الجائحة، استرجع القطاع السياحي عافيته في الكثير من الوجهات السياحية المغربية، لكن بالمقابل لازالت وجهة ورزازات تعيش أزمة هيكلية، حيت تسارعت المشاكل بشكل جلي مند سنة 2018 كما تفاقمت الأزمة سنتي 2020 و2021 بسبب الجائحة ولم تتمكن ورزازات من الخروج من منطقة الخطر. 
(أنظر الجدول الاول ).
 ويرجع سبب هذا الركود المستمر في القطاع السياحي إلى مجموعة من العوائق من أهمها، ضعف النقل الجوي وقلة الاستثمارات مع تسارع إغلاق الفنادق بالإضافة إلى غياب أو ضعف ميزانيات الترويج.
ولازال القطاع السياحي بورزازات يعيش على وقع التراجعات المقلقة، ومن المنتظر ان يتم تسجيل تراجع إجمالي قد يصل إلى ناقص 64 في المائة برسم حجم ليالي المبيت خلال سنة 2022 مقارنة مع سنة 2019 علما أن الإحصائيات الرسمية المتوفرة إلى حدود 10 أشهر الأولى من 2022   تشير إلى نسبة تراجع وصلت الى ناقص 65 في المائة بالنسبة لعدد الوافدين وناقص 61 في المائة بالنسبة لليالي المبيت المسجلة بالمؤسسات السياحية المصنفة مقارنة مع نفس الفترة من سنة 2019.
ومع نهاية سنة 2022، ستكون ورزازات قد أتمت أسوء ض5 سنوات للقطاع السياحي (2018- 2022)، وربما لقطاعات أخرى، وهو ما يمثل تراجع نشاط القطاع السياحي إلى المستويات المسجلة خلال الثمانينات، ما يعني أن ورزازات تراجعت حوالي 40 سنة إلى الوراء.
وساهمت عدة عوامل في هدا التراجع من أهمها أزمة كورونا حيت انخفضت عدد ليالي المبيت من 380.000 ليلة برسم سنة 2019 إلى 71.607 ليلة سنة 2020 (أي ناقص 81 في المائة) في حين أن معدل التراجع على المستوى الوطني لم يتجاوز ناقص 72 في المائة. بالمقابل لم تستفد ورزازات من الانتعاشة المسجلة سنة 2021 كباقي المدن السياحية حيث لم تتطور عدد ليالي المبيت إلا بزائد 6 في المائة في حين كانت نسبة النمو في حدود 32 في المائة على المستوى الوطني. كما أن نسبة الاسترجاع برسم سنة 2022 سيكون في حدود 34 في المائة وهي نسبة أقل من نصف نسبة الاسترجاع على المستوى الوطني والتي ستكون في حدود 73 في المائة. 
وخلال العشر أشهر الاولى من سنة 2022، عرف النشاط السياحي بورزازات تراجعا مهولا في كل الأسواق، مقارنة مع نفس الفترة من 2019، حيت سجلت السوق الفرنسية ناقص 62 في المائة، والسوق الإيطالية ناقص 66 في المائة، في حين سجلت السوق الاسبانية   ناقص 75 في المائة، والسوق الانجليزية ناقص 79 في المائة فيما سجلت السوق الألمانية ناقص 88 في المائة. وهو ما يدل على أن أزمة كورونا ليست وحدها المسؤولة عن إخفاقات هدا القطاع الحيوي على مستوى الإقليم. 
وبالرجوع الى أداء القطاع قبل أزمة كورونا، يمكننا فهم أسباب هاته الانتكاسة نسبيا: ففي سنة 2017 سجلت ورزازات ثاني أكبر نسبة نمو في عدد ليالي المبيت قاربت + 37 في المائة وهي نسبة أكبر من ضعف نسبة نمو عدد الليالي المسجلة على المستوى الوطني والتي كانت أقل من + 15 في المائة.
لكن مع بداية سنة 2018، بدأت بوادر الانتكاسة تظهر جليا حيت تراجعت نسبة نمو الليالي بورزازات إلى+ 4 في المائة فقط، في حين بلغت نسبة النمو + 8 في المائة على المستوى الوطني. أما سنة 2019 فقد كانت أشد قساوة على الفاعلين بالقطاع السياحي حيت سيتراجع أداء القطاع على جميع المستويات بتسجيل ناقص 8 في المائة في عدد ليالي المبيت مقارنة مع السنة السابقة في حين تم تسجيل نسبة نمو + 5 في المائة على المستوى الوطني وبهذا تكون ورزازات قد انتقلت من وجهة كانت تتبارى على أعلى معدلات النمو قبل 2018 (+37 في المائة سنة 2017) إلى منطقة منكوبة تسجل نسبة تراجع في حدود ناقص 8 في المائة سنة 2019. أما أزمة كورونا فلم تعمل إلا على تعميق أزمة ابتدأت فعلا مند 2018 كما رأينا سابقا.
(أنظر الجدول الثاني).
وأدت هاته المشاكل إلى تسارع وتيرة إغلاق المؤسسات السياحية خلال السنة الماضية (5 مؤسسات) وبهذا تجاوز عدد المؤسسات المغلقة أكثر من 20 وحدة سياحية وهو ما يجعل الطاقة الاستيعابية تتراجع إلى النصف وهو أكبر مشكل تعيشه هاته الوجهة. كما أنه لم يتم تسجيل أي مبادرة جادة من طرف المسؤولين محليا لتعويض هدا الخصاص (الاغلاقات وتراجع الطاقة الاستيعابية)، فقد قوبلت مجهودات بعض المستثمرين الذين عبروا عن نيتهم في الاستثمار (محليين وأجانب) باللامبالاة ثارة وبالرفض الغير المبرر ثارة أخرى حيت تم تضييع فرص حقيقية للتنمية مع إهدار الزمن في صياغة برامج تافهة على الورق ليس لها أي وقع ملموس على التنمية المحلية.
ولمعالجة وضعية ورزازات، يستلزم تضافر جهود مختلف المتدخلين والقيام بعمل جدي ميداني وفق مقاربة تشاركية حقيقية وتدقيق من طرف المصالح المركزية في أسباب هدا الإخفاق بعيد عن التقارير المنمقة بالعبارات الرنانة التي لا تمت لواقع ورزازات بصلة والتي هدفها الوحيد والأوحد تلميع الصورة بصفة أنانية للحصول على مكاسب فردانية على حساب قطاع السياحة والساكنة. هذا بالإضافة إلى التراجع والأزمات التي تعرفها قطاعات اقتصادية أخرى: القرية السينمائية واجتماعية وعلى رأسها قطاع الصحة.
وسبق للفاعلين السياحيين وفعاليات المجتمع المدني النشيط، أن بعثوا رسائل الاستغاثة من أجل انقاد ورززات، لكن هدا لم يحرك ساكنا لدى المسؤولين محليا (سلطات محلية أو منتخبين) دون اتخاذ اي إجراء من شأنه الحد من حجم الأزمة وإعادة سكة التنمية إلى الطريق الصحيح. كما تم توجيه رسالة مفتوحة في السابق إلى كل من رئيس الحكومة ووزير الداخلية مطالبة إياهما بالتدخل العاجل لإنقاذ ورزازات من الضياع.
كما سبق للنسيج الجمعوي للتنمية بورزازات، ان عبر في بلاغ له عن قلقه من الأوضاع الاجتماعية والاقتصادية والثقافية بورزازات، مؤكدا أنه بعد تداعيات جائحة كورونا، لازالت ورزازات ساكنة ومجالا، تعيش على وقع الأزمات وتناسل التراجعات الكبيرة والخطيرة على مختلف المستويات، موضحا أن العزلة البرية والجوية، تخنق انفتاح الإقليم على أحواض الاستثمار، كما ان مسلسل إغلاق المؤسسات الفندقية لازال مستمرا والصناعة السينمائية تتراجع.
 كما نبه النسيج الجمعوي الى أن ورززات تعرف استمرار الركود واحتجاب العديد من الأنشطة الاشعاعية التي كانت تعبر عن الوجه الثقافي والفني والتنموي للمدينة والإقليم، اد يعزى هذا الركود لعوامل ذاتية وموضوعية، أهمها أن الفعل المدني في شقه الجمعوي لازال يحتل صفوفا متخلفة في انشغالات القائمين على الشأن العام المحلي، ضدا على الأدوار المتقدمة التي يخولها له الدستور.
وفي انتظار مبادرات جادة من شأنها إعادة سكة التنمية إلى موقعها الصحيح لازالت الساكنة تنتظر التفاتة من طرف الحكومة والمسؤولين مركزيا لإنقاذ ورزازات من الضياع والحرص على عدم تكرار تجربة ورزازات لتفادي اي معانات مستقبلا في اي رقعة من هذا الوطن الحبيب.

 



تعليقات الزوّار

الآراء الواردة في التعليقات تعبر عن آراء أصحابها وليس عن رأي سكوبريس

اترك تعليقا

إقرأ أيضا